التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سليمان الباشا رحيق الزمن الجميل... رحل




بقلم/جهاد أيوب

     #سليمان_الباشا رحيق الزمن الجميل، واتزان التمثيل، وبساطة التعامل، واخلاق المهنة، وجمالية التواصل بين الادوار والتلوين والتنويع، واب الجميع رحل عنا ومعه ذكريات العطاء الصافي.
غيبه الموت ونحن لا نزال نبحث عنه، ولكننا غيبناه قبل ان يغيب جسدا.

لم نلتفت إليه حينما باغته العمر، ولجمه المرض، وصفعته نسائم الشيخوخة، كنا نسعد لأدواره بكل فصول التجربة التلفزيونية اللبنانية من الابيض والاسود إلى الملون، واكبناه ونحن صغار العمر والحنين والدهشة، وهو كان في ربيع العمر والمهنة حتى اصبح مع الايام حنيننا، ومن نفحات فنوننا الجميلة التي كتبت في زمن التأسيس.
هو من كبار تلك المرحلة، وذاك المشوار التمثيلي العريق حيث كانت نسبة الاشواك أكثر من الورود! المجتمع انذاك حرم الفن، والناس لم تكن تتقبله، وهو وابناء جيله عانوا الخوض بما ينتقده الناس ويحبونه، ويذهبون لمشاهدتهم، ومشى حتى نال المراتب المهمة في ادواره الفنية وفي حياته الخاصة، كون اسرة جميلة، تربيته لأولا كانت ناجحة تشبه أدواره المزروعة بأبوة الفنان المثابر!

عاش الباشا دون أن يترجى هذا وذاك، كان كريم السمعة والنفس والحكاية والموقف والتواضع.
عاش غنيا بما انجزه من عائلة أحبها حتى العمق، وبادرته الاحترام حتى الجوارح.
عاش وفيا واضحا شامخا على الجراح والغدر والطعنات.
عاش في الفن كما عاش في الحياة، ناضل، نزل شارع العمل المطلبي، والعمل النقابي، خاض مع الصوت من اجل الفنان والعمال دون ان يخجل بحقه.
عاش سليمان الباشا قديرا حتى في جحودنا استمر راقيا في انتقادنا، وقبل رحيله لم نشهد منه غير المحبة والوفاء، وفي رحيله خسرنا كل هذا الوقار.
قد تأخذنا العاطفة الان إلى القول أن الفن خسر جهوده، لا، ليس صحيحا فهو منذ مدة غيب ومغيبا، وابعد ومبعدا، وابتعد بارادته بسبب العمر والجو الفني الحالي الذي لن يعد يليق بسمعته وجهوده وتاريخه...
نعم خسرنا في رحيله بقاء التاريخ بيننا، والذاكرة الغنية والصريحة، واب الجميع، وما يسعد ذاكرتنا أنه ترك في كتاب الفن اللبناني سمعة سيرة مشرقة.
منذ زمن ونحن نلعب بتاريخنا الفني والفكري حتى اصبح هاربا منا، ذهب إلى غبار النسيان كي لا نواكبه، وبصفعة الرحيل نتذكر تقصيرنا، وقلة الوفاء لجهودهم المضنية حيث رسمت البسمة على صفحاتنا وفي قلوبنا.

#جهاد_أيوب



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...