التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإعلام الافتراضي المعاصر وصحافة المرتزقة




بقلم//جهاد أيوب
قليلة مشاركاتي في الحفلات المفبركة التي يدعوا إليها بعض الممولين السذج، وبعض المتطفلين اجتماعيا، وكم كبير من دخلاء الصحافة، أو منتحلي صفحة صحافة وكتاب وإعلام، وإن شاركنا بصفة تليق بالمهنة نصدم بما نشاهد ونسمع!
نشاهد مرتزقة من جيش الإعلام "شي تكتك وشي تيعة"، ويتوزعون هنا وهناك على موائد النميمة، ومراقبة بعضهم، أما ما يدور في الحفل السهرة فلا يعنيهم، وهمهم انتظار الغداء أو العشاء!
يتصورون مع هذا وذاك، ويسارعون لوضع صورهم على صفحات التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، ويصنفون انفسهم بالسفراء، بالكتاب، بالصحافيين، بالمدراء، بالمذيعين، بالمحللين، وبال...!!!
ونسمع احاديثهم الخاصة جدا جدا جدا بعلاقاتهم، ونشاطاتهم الشخصية، وسوالفهم الحميمية، أما مهنتهم فهي دخيلة عليهم كما دخلاء على عالم الإعلام!
سؤال يطرح من باب التعرف والواجب، وليس من الضرر ان نصادق زملاء أهم منا، ولديهم خبرة عالمية، والمفاجأة حينما نتعرف، ونبدأ البحث فلا نجد مقالة واحدة تحمل اسما من هذه الاسماء التي تخطت الحدود، وندخل صفحاتهم الشخصية لنجد مصائب اللغة العربية، سطر يتضمن اربع كلمات فيه سبع كلمات اخطاء املائية والباقي لا نفهمه، وغالبية ما يكتب فيه حسم بالرأي أي "عمل فاشل"، و"فلان انتهت صلاحياته"، و"فلان يتعصب له"، أو اعطاء رأيا سياسيا تاريخيا موجود في الكتب والتجربة، ولكن أخينا لا يقرأ، ولا يبحث فيشكك بالحادثة كما لو كان هو من صنعها، ونظرا لكثافة سماكة الجهل على دماغه يجد من يؤيده في جهل المعلومة لتبرير غباء التواجد!
أراء لا قيمة لها، ولا يبنى عليها غير المزيد من القحط، والمزيد من فقدان قيمة مهنة المتابع...طفيليات انتشرت في كل مكان بعد أفول زمن الصحافة والصحافيين الحق،  بالطبع لا نشمل، ولكن شبه تعميم، والقلة القليلة لا يشاركون لضيق الوقت، وفقر الراتب، ولأن مكان عملهم لم يعد يهتم بغير ما قاله زعيمهم وسياسة الامر الواقع!
واخر - هو أو هي - موظف في رتبعة مذيع لا يفقه اصول النطق!
ولا ننسى دخيلات الصحافة ممن يعشن في الفنادق لمتعة قصيرة، ومن ثم يفاخرن بتصرفاتهن علنا دون احترام لذواتهن ولمهنتهن، وإحداهن تسعد حينما يقال لها انها تنتحل صفة صحفية لتكون قي فراش الرذيلة، والحجة الحاجة المادية، أما إذا أخذت بالتنظير فهات يا قرارات حربية!
وأخرون يحسبون على رجال مهنة المتاعب، وفي الحقيقة لا علاقة لهم بفحولة المهنة، ونجدهم يعيشون النميمة والغيرة، والحسد، والضرب من تحت اللسان على كل الجبهات!
بالطبع لا نعمم، فيوجد القلة القليلة تحترم دورها، ولكن السواد الاكبر يحاصر مهنة المتاعب التي فقدت بريقها وموظفيها وعالمها، وأصبح من يكتب كلمة وجملة على الفيس بوك أو التوتر وصفحات التواصل الاجتماعي الافتراضي صحافيا عالميا، ومن ينام مع مديره أو خادم المحطة يصبح مذيعا او تصبح مذيعة عالمية مع غياب الموهبة!
و من شروط مهنة المتاعب في هذه المرحلة، وحتى يصبح من الصحافة المعاصرة العالمية نذكر:
- أن لا يعرف كتابة اللغة العربية!
- أن لا يقرأ، ولا يتابع الحدث!
- أن يجهل أصول مهنة المتاعب، ولا يعرف ألف باء الصحافة!
- أن يجهل التحرير، وكتابة الخبر، والحوار، والنطق السليم!
- أن لا يؤمن بتاريخه وتاريخ بلاده ومهنته!
- أن لا يعرف عدو وطنه، ولا يعيب محاورة صهاينة الأرض.
- أن لا يؤمن بالقيم الدينية، والاخلاقية، والحزبية، والفنية، ولكن عليه التعصب لها!
- أن يجهل الفن، والثقافة، وعالم الابداع!
- أن يعتمد في مصادره على قيل وقال، وسمعت!
- أن يصادق أحد الفنانين، أو السياسيين، أو تجار الفساد ممن يعشقون الظهور، ويأخذ راتبه منه كسمسار لأخباره المغلوطة!
- أن لا يهتم للنطق السليم، وأن لا يكون لديه سرعة بديهة، ويؤمن بالشلح أو التعري الجسدي والفكري، وبسرعة حينما يطلب منه حتى لو كانت في زواريب الحمامات!
- أن يكثر من النميمة على هذا وذاك.
- أن يعطي رأيه بوقاحة دون أن يدرك ماذا قال، ولماذا قال، وان لا يبني رأيه على علم ومعرفة ونهج اكاديمي ومهني!
- أن يبتكر الكذب، ويتغنى بالجهل، ويزور ما لا ينسجم معه!
- أن ينتمي إلى فئة طائفية حزبية سوقية شوارعية بحجة الرأي والحرية الانفلاشية!
- أن يكون - تكون على استعداد للسفر، لقضاء ليلة في الغرف الحمراء تحت لواء الحرية وجهود المهنة!
- أن يحصل على لقب سفير، ولا نعرف ماذا دوره ودولته، وقيمته، وجهوده!
- أن ينفذ ما يطلب منه بكل المقاييس الجنسية والشوارعية!
- أن يكون رداحا على مستوى ارباب الشوارع والحانات!
- أن يتعصب، ويدافع عن هذا وذاك ممن يقبض منهم!
- أن يقبل بأن يكون ضمن الغرف السوداء التي ستخرب مجتمعه، وتدمر بلاده.
هذه شروط مهنة المتاعب في الإعلام الافتراضي المعاصر من صحافة ورقية قابلة للزوال، وإذاعات وفضائيات لم يعد مهما توظيف الموهبة فيها، والتجديد في العلم والمعرفة بقدر العمل مع فراغات لفراش المتعة والفكر... ونعيد أن هذا حال غالبية الواقع، ويوجد قلة قليلة تحارب، وتناضل كي يبقى الإعلام الصوت الحر، وصوت الصامتين، والمظلومين، وصوت الحقيقة، والأهم صوت المهنة والوطن والإنسان...عفوا قد يقول أحد جباهزة الإعلام الافتراضي حاليا أن مثل هذا الكلام من زمن الأبيض والاسود، وصاحبه من المعقدين، والمتخلفين، و "اولد" و "دومودي"!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر وتنو

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت/ بقلم جهاد أيوب

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت "بونجور بيروت" وثائقي جورج صليبي يلملم ذاكرة تندثر • رسم الدهشة في صعوبة أحياء الروح من دمار الأفعال • الفيلم يصفع الفعل والفاعل والذاكرة والمذكور ويتركنا نتألم • عابه تطويل حوارات لا فائدة منها وشهادات شاركت في ذبح بيروت • موسيقى رائعة لـ جاهدة وهبي ونص متفوق والتقاط صورة ناطقة • مشاركة الفنان أسعد قيمة ومونتاج ذكي في مزج الماضي مع الحاضر بقلم||جهاد أيوب        حينما نخاطب الذاكرة نكون قد ضمنا نصف النجاح، ولكن النوايا الحسنة قد لا تصنع التميز رغم العاطفة المتدفقة بحق الماضي الذي يسجن في كلمة" الماضي الجميل" حتى لو كان قبيحاً، لذلك مجرد الانطلاق للحديث عن تاريخ لا يزال حياً نكون قد وقعنا في المحظور والقلق والخوف من النقد المباشر والرفض قبل المشاهدة والتنفيذ، وهذا ما أصاب فكرة انطلاقة فيلم " بونجور بيروت" للزميل الإعلامي والمخرج جورج صليبي، وايضا اصابنا نحن أبناء بيروت وأهلها ومن عايشها ويعرف تفاصيلها الدقيقة، ورقصنا مع زواريبها وشوارعها وعانقنا قصورها ومنازلها، وخاطبنا طيورها وشجرها والوان نو

فضائح برنامج الدعارة المنزلية "نقشت" على  LBC

بقلم// جهاد أيوب هل أفلست الأفكار المحلية حتى نستمرّ بورشة جنون شراء أفكار غربية لبرامجنا الاجتماعية من دون أن تشبهنا أو تناسبنا وتتفق مع صوَرنا؟ هل نحن استهلكنا كلّ إيجابيات عاداتنا وتقاليدنا ودياناتنا وتصرّفاتنا وخبرياتنا وحياتنا اليومية حتى تلاشينا في ساعة ضياع، وقرّرنا أن يكون الإنقاذ عبر تقليد غيرنا مهما كانت الظروف؟ هل نسعى ونبحث عن الشتيمة من هنا وهناك كي نبقى في الواجهة الإعلامية، وبالشتيمة نحصد الإعلانات، ومن الشتائم يحيا النجاح الإعلامي المرئي؟ هل فعلاً نؤمن بالإنسان فينا، ودورنا كإعلاميين أن نعطيه جرعات أمل كي يبقى في بلد لا نعرف كيف يسير، والمواطن فيه تائه بالعنصرية والطائفية والحلم المفقود؟ هل نحن نحن، أو نحن منذ سنوات لم نعد نحن، بخاصة في بعض الخطاب الإعلاميّ المبنيّ على إشعال كل أنواع الغرائز حتى لو كانت حيوانية بعيداً عن رادع يصحّح الخطأ، ويشير إليه بصواب يليق بالحياة، ولا يُشعرنا بعمر نسير فيه ونحن الأموات، وإلا ما معنى أن ننتظر من برنامج تافه مصيرَنا في اكتشاف سعادتنا يدعى «نقشت Take me out»؟ «نقشت Take me out» خبصة بحص جديدة في إعلام يزوّر وجوهنا أكثر ممّا نحن