التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تراجعت شهرة الفنان فازداد غرورا فارغا!



بقلم//جهاد أيوب

     من غرائب أمور وتصرفات الفنانين الكثيرة، والكثيفة غير معزوفة " أنا قلبي طيب"، تلك التي تتعلق بنهجهم المتبع بين الناس، والذي يؤثر عليهم دون أن يدرك احدهم بأن هكذا افعال، وافتعالات تصنع أخطاء قد تلغي حضورهم، أو تجعل الناس، وما تبقى من الإعلام النظيف ينظر إليهم نظرة معاكسة وسلبية!
هذا النهج الذي اصبح عادة مزعجة ومقرفة، يتكاثر حول الفنان كالبعوض، ويكمن في غروره، ويفرض علينا أن نسأل:
- ما هو السر الذي يجعل من الفنان مغرورا كلما تراجع فنيا وشهرة؟
- هل لهذا الغرور تفسيرات علمية دقيقة؟
لا خلاف أن الفنان هو من الكائنات الحية، ولكن الله انعم عليه بموهبة ميزته عن غيره، والمفرض ان تجعل منه اكثر تواضعا واقترابا من اناسه وجمهوره، وهذه الموهبة بالفطرة تقرب الناس منه، وينشغلون به وبأخباره وإشاعاته، ونظرا للشهرة التي يحققها البعض يصاب الفنان بعقدة " أنا أو لا أحد"، أو قد يستوعب دوره فيهتم بمنظره، وسلوكه وهندامه وكلامه، ويثقف أدواته حتى يبقى محترما وفي الصورة مهما غلبه العمر، ولعبة الزمن، والبراهين كثيرة، ولكن أن يصبح هو الحية أو الافعى لكونه اصبح مشهورا فهذا هو المرض الاخطر حيث سيقضي عليه!
قد نبرر غرور الفنان في بداياته، ونستوعب هبله، وقلة خبرته، وجهله في ادارة ذاته وحركته وتصرفاته، فالشهرة كما كانت تقول الاسطورة صباح:" الشهرة والاضواء مرض خطير، إما تجعلك تقف على الارض بثقة، أو تجعلك تطير، لتطير وتختفي دون أي ذكر، وتصبح مادة للسخرية ومن الماضي"!
وهنا الداء والدواء، الداء أن الفنان كلما ازداد شهرة مبنية على موهبة ومن ثم ثقافة ودراية وسعت مداركه، وتواضع لكونه تفهم معادلة أن اليوم لك والغد قد تترك بصمة لكنه لغيرك، وإما شهرة الفنان اعمت بصيرته فازعج من حوله حتى رموه بقذارة الاهمال لينزوي وحيدا تعيسا، ومنتقدا جارحا ومجروحا!
وأما من اشتهر دون ان يبحث عن ذاته وركب الغرور، ولعبت فرصة يتيمة بشهرته، وبدأت هذه الفرصة بالتقلص وشعر هو بأنها تتقلص، وبأن شهرته تتقزم فيحاول محاربتها بالتعالي وبالغرور!
التعالي على زملاء دربه، والادوار التي تعرض عليه، والفرص التي تقدم، فيخاطب الجميع بثقة فارغة، ويطرق على نوافذ الماضي الهجين حيث سماكة غبار دعسات الآخر الجديد، حينها تتراكم العقدة في رأسه حتى ابتعاد الزملاء والفرص من حوله!
والغرور على أناسه وأصحابه، ويتعمد التواصل مع الصحافة والإعلام عبر وسيط وهمي، أي تتصل به فيرد هو ليقول لك بصفته الخادم أو مدير الاعمال:"الاستاذ في الحمام...الاستاذ جدا مشغول...الاستاذ في لقاء تلفزيوني"...
بالطمع، وبسرعة البرق تسدل الستارة عن هذا المغرور، وتقلب اسمه عن صفحة بالية رطبة، ولكنه يبقى كذلك، وتتضخم الخسة برأسه، وينزوي يتيما هرما، حاد النظرات، وسليط اللسان إلى أن يتخلى عنه الجميع!
هذه أمور لا يقوم بها إلا الفنان المريض بعقدة غروب شمسه، وأفول نجمه، وتحدث معنا دائما، وما اكثر صور الفنان الفارغ حيث انتهت صلاحياته الفنية والموهبية والانسانية، ولم يبقى منه غير ذكرى يعيشها هو، ولا يبحث عنها أحد لكون الناس مشغولة بالبحث عن رغيف الخبز، ولكون غالبية من يعمل في الإعلام لا يذهب إلى الارشيف، ولا يقرأ التاريخ، ولا يعرف تاريخه!
نصيحة علمية قالها لي الطبيب النفسي الذي اتصلت به لهذه الغاية:"على كل فنان يشعر بعقدة افول نجمه أن يزور عيادتي لاعالجه وفورا، في العلاج بقايا وجوده"!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...