التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نفتح ملف بعض من يغني من مشاهير هذا الزمانهذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي (الحلقة1 من8)



الأداء من الذكاء والصوت القوي قد لا يطرب
اختيارنا لـ صباح وفيروز للدلالة على مرحلة حساسة في الغناء العربي
سنتحدث عن أصوات متفاوتة وتحصد الشهرة رغم تواضعها
انطلق الغناء عبر العصور من الدين والمعتقدات القديمة
غناء اليوم ترفيه والأصوات الجميلة ممسوخة وممسوحة
بقلم\\ جهاد أيوب
    ليس من الضرورة الصوت القوي هو ما يطرب في عالم الغناء، وليس بالضرورة أن يكون من أوائل الأصوات التي تغني بطريقة صحيحة، وقد يكون الصوت صغيراً، ومتواضعاً لكنه مثقفاً ومدرباً وجاهزاً ليلون ويطرب، وينطلق من نغم إلى آخر بطريقة صحيحة فيحدث انسجاماً مع إحساس ألمتلقي الذي يسارع لمزج ما شعر به بإحساس الفنان شريطة أن لا يقوم هذا الأخير بفعل الغناء، وبقدر ما يقوم بالغناء من جوارحه وشخصيته وانسجامه بما ينطق ويغرد يتفرد، ومع تراكم التجربة يصبح الأداء من الذكاء بعد أن استوعب مفاتيح اللعبة وأسرار المهنة!
نسوق هذا الكلام لنبرر بالشكل العلمي أن الأصوات التي اخترناها لنتحدث عنها ليست متشابهة، وليست بذات القيمة والمستوى والبريق، ولكنها حصدت، ولا تزال تحصد النجاح والجمهور رغم تواضع بعضها، وهذا لا يعني أهميتها لكنها تشكل مرحلة ظاهرة ليس أكثر، وقد يسأل البعض لماذا تم اختيار هذه الفئة وبالتحديد مع تلك التي شكلت ذاكرة وتاريخاً وبصمة، وكان معهم الكثير من الأصوات الجميلة والقوية والخطيرة أمثال سعاد محمد ونور الهدى ونجاح سلام و...ولكن ما اختيارنا للأسطورة صباح ولجارة القمر فيروز إلا للدلالة على مرحلة حساسة في الغناء العربي وبالتحديد اللبناني، وبالطبع الجميع يعلم أهمية التجربتين، وعدم منطقية مقارنتهما بالأصوات التي سنتناولها، وربما سيتناولها غيرنا في المستقبل، ولكننا اخترنا الإسطورة صباح كمدرسة وتجربة جامعة يتعلم منها الذكور والنساء في عالم الطرب والغناء والموال والاستعراض، هي بدأت من الصفر في صناعة الصوت بعد اكتشاف الخامة، ولا يوجد مطربة عربية لونت في الأداء كما صباح على الإطلاق ساعدها نفسها في لفت النظر، وقوة الأوتار ورخامتها وحنينها في معرفة استخدامه، وتقنية ولادة الموال على يدها، والمراحل الزمنية التي مر بها صوتها من الطفولة والصبية والشباب والخريف والكهولة، كله مرت به صباح مع صوتها ونجحت وتفوقت، وأبدعت، وانسجمت معه في مراحل شيخوختها رغم انتقاد البعض لها عمرياً، مع إنها تعاملت مع صوتها في فترة الشيخوخة ضمن الميزان الموسيقي السليم، وبطبقات محدودة وصحيحة!
وأما جارة القمر فالاختيار للسحر الذي فرض حضوره عبر صوت صغير ومع التجويد القرآني، والتدريب الصحيح، والاختيارات المتنوعة، وصناعة مساحة تليق به وثاقبة فرض أسلوبا مغايرا في الغناء العربي واللبناني يستحق التعلم منه، خاصة أن شخصية الصوت اعتمدت على فريق عمل يوجه ويحدد على عكس صوت صباح الذي اعتمد على التجربة بكل تناقضاتها، وقوة الخامة الصوتية مصحوبة بالشخصية! 
وأردنا أن نخوض في غمار نقد الأصوات التي تغني، والدخول إلى بواطن الحنجرة ليس من باب فرض عضلاتنا، أو عقد تصيبنا من نجاحات الآخرين، بل لأننا نحب الفن، ونحب من في الفن، وليس تحدياً وتشهيراً، فوضع النقاط على الحروف مسؤولية، وهذه المسؤولية واحترامنا لقلمنا تطلب منا الذهاب إلى متخصصين في علم الصوت، ومنهم من  يفقه في الموسيقى، أسماء كبيرة أخذنا برأيها بعلم وخبرة ودراسة أكاديمية أفادت ما نحن بصدده من أجل المنفعة العامة، وليتعلم المتعصب أن النقد ليس جهلاً بل هو قمة الحقيقة إذا اعتمد على اللغة الاكادمية والفكرية، والمنهج المنطقي في التحليل بعد أن أصبح الخطأ هو قاعدة الصواب، والصواب هو وجه التشويه!!
لهيب الكذبة
غناء اليوم ترفيه ليس أكثر، لذلك لا يهم التعلم، مع انه هو علم، وتقنية وتراكم تجارب، وتدريب، وهذا لم يعد متاحا عند طالبي الشهرة السريعة والمال السريع حتى لو كان على حساب الكرامة والشرف ( للأسف ليك وين بعدني)، والفن الذي لا يرتقي بالروح وبالفكر ويحرك الإحساس سيدمره غناء اليوم، أو تمتمة لا أصول فيها ليجعلنا نجزم أن غناء اليوم كذبة!
انطلق الغناء عبر العصور من الدين والمعتقدات القديمة، وحتى مناجاة الله يعتبر غناء، وكل الديانات تعتمد في توسلها النغم الغنائي، أم كلثوم رتلت، ومحمد عبد الوهاب وفيروز وشادية تعلموا كيفية تجويد قرآن ومخارج الحروف وأصول النطق، وعلم النفس، وصباح تتلمذت من خلال قراءة الشعر وتحديدا الزجل، ووديع كان يغني الصلاة منذ صغره، وأفاض في ترتيل القرآن، بينما غناء اليوم رغم وجود بعض الأصوات الجميلة هو ممسوخ وممسوح...فن الغناء ليس تمتمة بل أرقى طرق التعبير عن الروح كأنه صلاة!!
والأصوات التي سنلقي الضوء عليها هي: الأسطورة صباح، وجارة القمر فيروز، والسيدات ماجدة الرومي، وسلوى القطريب، وجوليا بطرس، ونجوى كرم، ونوال الزغبي، وكارول سماحة، واليسا، وهيفا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...