التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ميشال ثابت...رزنامة العمر سقطت منكسرة

 


ميشال ثابت...رزنامة العمر سقطت منكسرة


بقلم// جهاد أيوب 

ميشال عقل ثابت ذاك الشموخ الذي ناضل من أجل عدم السقوط تغلب عليه مرض الكورونا فحصده عن 92 عاماً من النضال الفني والنقابي، عن عمر جاهد فيه حتى يقال أن في لبنان حكاية حقيقة وليست كذبة، حكاية "من عنا طلع الحرف"، ومن يشاهد حال المبدع والمثقف اللبناني من المستحيل أن يصدق تلك الكذبة، عفواً الحكاية!

هو من كبار الفن اللبناني والعربي، خاصة في بلاد الشام حيث يعود إليه وإلى أبناء جيله فضل التأسيس الفن الصافي والحقيقي ...

هو من أوائل المناضلين من أجل نور الفن الذي حُرم آنذاك، وأصبح بجهود كوكبة مشرقة من أمثاله ثقافة وطن، وأرادها الزعيم السياسي الطائفي ثقافة قطيع تجمد الطريق، وتسرق الأحلام وترفع الوضيع!

ميشال ثابت شخصية فنية محبة رغم أدوار الشر التي يؤديها وبتفوق، ومع ذلك انعكس قلبه الطيب على مشاعر الناس فأحبوا منه أدوار الشر والقسوة !

هو خفيف الظل في أدوار الكوميديا المركبة، وما من دوى ضاحك إلا واتحفنا بأداء يبهر الجميع!

هو الأب في تجسيد شخصيات تتطلب التحضير والتقمص المشغول بتقنية الموهبة الوهاجة، ويأخذنا إليه بحنان وطيب!

هو الدور الذي واحاك فيه معاناتنا الحقيقية في وطن يسرق أحلام أبنائه، وزعاماته متخمة بالعز، وتصر أن يكون الفنان فقيراً!

هو النقابي الباحث، والمناضل الذي لم يتعب، والنقيب الفعلي الصارخ الثائر لنيل حقوق الممثل اللبناني، ولكن!

هو الأستاذ ميشال ثابت حيث يفرض الاحترام أينما وجد، وأينما كان، وهو اللا طائفي في بلد تنهشه الطائفية، وهو كبير بأفعاله، وطيب بتواضعة، وعنفوان كرامته...هو الذي قُتل من إهمال المسؤولين عشرات المرات، وقاتل من أجل أحلام الفننا التي لم تتحقق !

ما من عمل درامي إلا وكان يحاك بخيوط موهبة ميشال منذ انطلاقة العمل الدرامي اللبناني، ومنذ انطلاقة شاشة تلفزيون لبنان، الشاشة الأولى عربياً، وقد تخوننا الذاكرة، ومن الصعوبة أن نذكرها كلها، ومنها “دوار يا زمن”، و" للحب وجه آخر"، و“ابراهيم أفندي”، و"صائمون ولكن"، و" إسمها لا"، و" أبو بليق"، و“الطاغية”، وأبو ملحم"، وغيرها الكثير...

وأيضاً شارك بعشرات الأعمال السينمائية نذكر " عذاب الامهات"، و"فتيات للقتل"، و" فتيات الرقم الصعب"، ولمن يغني الحب"...

عام 1930 كانت الولادة، و"دعيبس ومنتورة" أول أعماله التلفزيونية، ويومها حقق الشهرة، ومن يومها بدأ يقطف معاناة الفن حيث اقتحم معه الصعاب، وشرب من بئر النجاح والشهرة ليكتشف على كبر أن البئر في لبنان من دون ماء، وماء الأرض والمطر تصب في بحر الجحود!

شارك كل نجوم لبنان من فيليب عقيقي، وعوني المصري، ولمياء فغالي، وليلي كرم، وعلياء نمري، ونادية حمدي، وهند أبي اللمع، ونهى الخطيب سعادة، وفريال كريم، واحمد الزين، ومحمود سعيد، وعبد المجيد مجذوب، وسمير شمص، وابراهيم مرعشلي...أسماء كبيرة نفتخر بما نحتته بصخر الفن العربي، وستبقى خارج العتمة، وداخل الضوء.

لم تنصف الحياة ميشال ثابت في أواخر أيامه، اصيب الجسد بالتعب، وأصيبت الذاكرة بالجحود، وأصيب الفن حينما شلت حركته بالخسارة الكبيرة!

وقد لا يعرف جيل التنظير والمعاهد هذه الأيام ميشال ثابت، جهود ميشال ثابت، كبرياء ونجومية المداميك الكبار أمثال ميشال ثابت، لذلك ادعوهم إلى نبش ذاكرة الوطن من خلال الفنان الكبير ميشال ثابت كي يتعلموا أصول تاريخهم، ويستغنون عن كل ما تعلموه في جامعات ومدارس ومعاهد التمثيل!

ميشال من المدونين في تلوين الأدوار بكل فصولها وأنواعها، ومهما كان الدور صعباً معه يصبح أكثر بساطة لآن الجمهور كان يتقبل منه كل ما يقدمه، وهذا سر الممثل الكبير والمهم.

في رحيل القدير ميشال ثابت نكون قد اسدلنا الستار عن آخر حبة من عنقود المؤسسين في فن التمثيل في لبنان..توفي الممثل ميشال تابت بعد إصابته بفيروس كورونا عن عمر يناهز 92 عاماً.


يُذكر أنّ الراحل كان نقيبًا للممثلين وشارك في عدد كبير من المسلسلات ومنها “دوار يا زمن”، “ابراهيم أفندي”، “الطاغية” وغيرها الكثير..

في رحيله خسرنا كبير من وطننا قدم المتعة والجمال والسعادة والفرح والإبداع، ولم يشارك يوماً في هدم منازل الوطن، ولم يرتكب فعل قتل أبرياء من هذا الوطن، ولكن براءة موهبته وإهمال المسؤولين جعله يموت كل يوم في هذا الوطن!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...