التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حلقة في "عاطل عن الحرية" تختزل المسلسل اللبناني




سعد حمدان يُطلق الكوميديا لصالح التراجيديا
بقلم// جهاد أيوب
في لغة التميز لا تحتاج إلى عشرات الافلام والمسلسلات والكتب حتى تترك بصمتك وحضورك، بل مشهدية معبرة واحدة، وتعطيها سر موهبتك المثقلة بتجربة صافية صادقة تؤثر بالمطلقي، وتوصلك إلى حيث لم يستطع الوصول إليها رغم سنواتهم الطويلة...وهذا ما حدث مع الفنان الممثل المطرب سعد حمدان من خلال مشهدية بسيطة لكنها عميقة، قليلة الدقائق لكنها تركت جدلية في الطرح وفي حضور سعد، وثابتة رغم قصر مدتها، ولكنها تمكنت من اختزالها لمسلسل لبناني رمضاني من 30 حلقة!
القصة واقعية، وكنا ولا زلنا نقول أن خلف كل نافذة وتحت كل شجرة في لبنان عشرات القصص والمشاكل الواقعية المؤلمة والموجعة والمشوقة رغم قساوتها وغرابتها، ونطالب صناع الدراما بالالتفات إليها والابتعاد عن القصص الهجينة والمخملية وغير المنطقية، فكانت النتيجة هجرة أفكار مسلسلاتنا إلى التركي وتقليد الغربي، ولا علاقة لها بنا !
الفقرة التمثيلية في #عاطل_عن_الحرية على قناة #MTV والتي قام ببطولتها الفنان الممثل #سعد_حمدان كانت غاية بالتشويق، وأثبتت أن العمل على محلية قصصنا لا يتطلب الانتاج بالميزانيات الكذبة بقدر الاقتناع الجدي والمسؤول من قبل المنتج، وكيفية اختياره الممثل المتمكن!
ونجاح هذه الفقرة المشهدية صفعة لتطلبات الانتاج الذي يصر على النق والقصور والديكورات الفخمة بينما هنا الواقعية تتطلب البساطة، فقط نقلت إمكانات الممثل في أجواء تشبه القصة ولا انفصام بينهما كما اعتدناه في الدراما اللبنانية والمصرية!
وسعد حمدان في هذه الفقرة الصورة القصة يلعب بخبرته، ويضع كل تجربته لينجح مشاهده رغم اختلافها عن ما قدمه سابقاً.
لعب سعد على ايماءات جسده بفهم لكونه من ممثلي المسرح، فترك لحركته فعل الدخول إلى الحالة، وشعرنا حينما تأخذ الكاميرا وهو يسير كيف لعب على انحناء جسده الذي كُسر بسبب فقدان المال، هنا لم يلتفت سعد إلى نجوميته، واناقة البراستيج وجدل الشهرة، بل اغرق بالشخصية، استوعب حالاتها فخدمها بقراءة عميقة لظروفها وتداعيات حالاتها من اجل أن يبرز تفاصيلها من كل الجوانب، ولو اقتربنا اكثر نجد تأثيرات معالم وجهه، وعمق نظراته كلما اقتربت الكاميرا منه، اضافة إلى تقطيع نفسه مع حواراته وغضبه وصدمته كلها لم تقدم بعباطة، بل بذكاء الممثل المشبع بتقديم ما هو جديد، فكانت زخرفات الفنان العارف لأصول مهنته ودوره لتكون النتيجة في النهاية لصالح المشاهد، ولصالح الدور الذي اصبح حقيقة!
سعد حمدان كان الأكثر تألقاً وتأدية وحقيقة من الحميع، والاجمل اعتماد المخرج على شطارته فركز عليه، وتابع كل خطواته بدقة وبذكاء كي تلتقط الكاميرا ادق التفاصيل...وبهذا الاسلوب تمكن المخرج من الفوز، وفرض رؤيته بدقائق تغني عن مسلسل.
حلقة ممتعة بطلها سعد حمدان بكل جدارة حيث طلق سجن الكوميديا إلى التراجيديا بتفوق وبإمكانيات عالية تؤكد أنه فنان من الطراز الاول، ولفتة إخراجية موفقة اظهرت امكانيات مخرج، وبرنامج "عاطل عن الحرية" لا زال يبحث كي يبقى الأفضل...

تعليقات

  1. شكرا للناقد الفني الاستاذ جهاد أيوب على رأيه الفني في حلقة عاطل عن الحرية وشكرا للناشر الشاعر طانيوس اندراوس

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...