التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المسيحيون في خطر بسبب مناصب ومكاسب زعاماتهم




بقلم//جهاد أيوب

إذا استمرت بعض الزعمات التي تدعي مسيحيتها بما هي فيه، واتخمتنا بحقوق المسيحيين تتصرف من خلال الاستغلال الطائفي ستوصل المسيحيين إلى الهاوية أكثر مما هي عليه اليوم!
هذا الخطاب العنصري، والمشحون بالكراهية ليس المقصود منه محبة المسيحيين بقدر استغلا المسيحيين اللبنانيين، والنتيجة أصبحت واضحة، وتكمن في تقاتل هذه الزعامات من أجل حصولها على المناصب والكراسي، والمكاسب على حساب الطوائف المسيحية المبعدة، والمشتته والحالمة بالهجرة ليس أكثر!
لو استمرت هذه الزعامات بالطرح الطائفي والعنصري المذهبي كما هو حالها اليوم عليها ان تتخلى عن فكرة وكذبة المناصفة في النظام اللبناني، ومع الوقت هذه المناصفة ستذوب في ظل هكذا عيوب مسيحية تتزعم المصالح الذاتية، خاصة أن المجتمع المسيحي بفضل زعاماته أصبح يشكل 35 % من عدد سكان لبنان بعد أن كان أكثر من 50 %، ولكن بغباء فكرة "أنا الأساس" وقعت الحروب المتعددة، وأخرها حرب ال 75، وتلاشت حقوق المسيحية على يد بعض زعاماتها المتعنتة، والتي ركبت موجات خارجية لتدعيم زعاماتها، ولا تزال تسير في ذات المهوار!
لو قرأنا واقع لبنان منذ 1840 سنجد أن مشاكلنا معلقة في عقدة هواجس المسيحيين، وهواجسهم في الحصول على رئاسة الجمهورية، كرسي النيابة، أو التشبث بزعامات تحمل شعارات مسيحية وفي الحقيقة هي شركات خاصة وعائلية!!
لبنان منذ 1840 يحصل على التغيير من قوى خارجية وأجنبية، وظروف دولية تحدد وضعه مستغلة حقوق المسيحيين، لذلك لا عجب إذا وجدنا أننا لا نزال نفرط بالوجود المسيحي جميعا، وقد يتحمل السياسي المسلم الهجين مسؤولية في ذلك، ولكن المسؤولية الكبرى تقع على زعامات المسيحيين والكنيسة، وتحديدا الكنيسة المارونية...ومنذ انطلاقة لبنان، ونحن نشهد الحروب ذاتها، المفردات الاستحمارية التي توصل الزعامات المسيحية والاسلامية ذاتها، الاستغلال الاجتماعي والديني ذاته، والنتيجة المسيحية إلى تقلص، والخدمات الاجتماعية تقزم، ويأخذ لبنان صورة مشابهة للدول العربية دون تميز واختلاف، صورة تعيده إلى بيئة الصحراء مع جبل، والإبداع الثقافي من غير هوية فقط في الغناء نجد مساحة لكنها من دون ابداعات موسيقية، وتجتر الماضي، وفي التشكيل لم يعد لبنان منارته التي نافست الغرب بجدار، أما في المسرح فلا مسرح لدينا، وما كان منه من تجارب أصبحت من الماضي!
الطريقة التي يشحن بها وفيها السياسي المسيحي طائفته بحجة حقوقه في القانون الانتخابي لا يستحق أن نبني عليه الوطن، بل يعمل على تأسيس الحرب الطائفية المقبلة في النفوس والتصرف والفكر والحديث وربما في الدماء، ويصيب الشريك الآخر بالمطالبة بحق الأكثرية، وبعد شهور سيطالب أيضا بحقوقه لأن كل الشعوب، والطوائف، والمواطن في لبنان من غير حقوق! المسيحيون في لبنان يعيشون في منفى الوجود الوطني بفضل زعاماتهم رغم أنهم أساس الوطن، وفكره، وحضارته، وكأن ما مروا به في لبنان عبر الزمن لم يعلمهم، وما يمر به المسيحي الفلسطيني والعراقي والسوري لم يعرفوا به، لا بل تراكمات كل هذا العبئ التاريخي والحياتي مر عليهم مرور الكرام، وزادهم بعدا عن الوطن رغم التغني بالوطنية، زاد بعدهم عن حقوق المجتمع الوطني ككل رغم خطابات غالبية زعاماتهم المرحلية، وحسب المحسوبيات والدولارات!
المسيحية في لبنان ضرورة لبنانية، ومن غير المسموح الاستخفاف بوجودها، ومن غير السماح لزعاماتها أن تستغلها حتى الرمق الاخير بحجة مطالب توصلهم إلى الكراسي والمحسوبيات، وتوصل المسيحية إلى الهجرة عن وطنها، والبحث عن جنسية غربية بديلة مهما تغنى الزعيم باللبناني المهاجر!
على المسيحيين أن يطالبوا بحق الوطن، وبحق كل المواطنين، وبحق الشراكة، وأن ينسفوا فكرة أن للمسيحي حق انتخاب المسيحي، والمسلم حق انتخاب المسلم، ويعلموننا أن الزعيم الوطني علينا جميعا انتخابه وليس الزعيم الطائفي والفاسد بحجة دينه!
إذا أراد المسيحي بناء لبنان لكل اللبنانيين سينجح بذلك، وإذا أراد القانون النسبي وفي دائرة واحدة يعني يؤمن بوجوده القوي في لبنان، وإذا قرر أن يعيد تمايز لبنان في الشرق عليه أن يطالب بحقوق كل اللبنانيين وليس بحق مذهب، طائفة، أو دكانة عنصرية، لأن المسلم قبل المسيحي يعترف ويؤمن بقيمة المسيحي في الوطن، قيمة نجاح المسيحي في الشراكة الوطنية، وللأسف هذا لا يعرفه الزعيم المسيحي بل يعرف استغلاله كي يصبح زعيما على الوطن، وعلى المسيحيين فقط، وليس في الوطن!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كبرنا / بقلم جهاد أيوب

كبرنا كبرنا والعمر سكران...بقلم جهاد أيوب كبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا ومرق الحلم من هون من خلف منازلنا صار الحكي يوجع وصار الفكر يلمع يمكن النظر شح ويمكن الجسم رخ وضل قلبي يعن وعن حبك يعاتبنا ****************************** حلوت الحلوات ما عادت تذكرنا وربيع الزهر غاب ما سمع حكايتنا ******************************* اليوم اختلف المشوار وصار الصوت ختيار والقلب شو غدار ما عاد يغرد بسيرتنا ******************************* كل ما مرقت صبية كان يعذب فيني وصار يشرد محتار ما بيعرف شو في اسرار يا رب انت القادر الجبار زارع فينا سنين الغار تاركنا نسبح بالمشوار والشيب ع جدران الدار ونسقي حساسين الروح ونشرب المي من عطر مجروح وكبرنا بسرعة والزمن سبقنا والعمر سكران ع باب مخادعنا .

في حوار العمر رفض أن يعود شابا... وراض بما حققه من نجاحات

• رفيق سبيعي  لـ "جهاد أيوب ": بسبب الفن تنكر أهلي لي وعشت معاناة وظلما ً • يوم اعترفت بنا الدولة كفنانين كان يوما مهما في حياتي • كان يطلق على الفنان في السابق كلمة"كشكش" وبسخرية *       نهاد قلعي أسس الدراما السورية وأنصح دريد لحام بالعودة إلى شخصية غوار • حققت بعض أحلامي لكنني لم أصل بعد وهناك الكثير لأفعله • أقول لجيل الشباب ألا يستعجلوا فالشهرة جاءتهم على طبق من ذهب • الإذاعة هي المفضلة عندي لأنها تعتمد على التحدي والتعبير الصوتي • أعيش شخصية الطفل ولم أندم على ما قمت به • لم أجامل على حساب اسمي و رفضت دورا في"باب الحارة" رغم حبي لـ بسام الملا • المطربة صباح من زمن لا يعوض وساندتنا دون أن تجرحنا • علاقتي مع دريد لحام فاترة مع أنني أحترمه كشخص وكفنان هذا الحوار أجريته مع الراحل رفيق سبيعي في دمشق 2010، غمرنا بشرف الزيارة، وأنعشنا بكلام نتعلم منه، حوار أصر أن يقول عنه :"حوار العمر"،  تحدث فيه عن أمور كثيرة، وساعتان من الكلام المباح والجميل دون أن يجرح الآخرين، أو ينتقد من عمل معه، كان كما عهدنا به صاحب الشخصية المجبولة بالعن...

ملحم بركات... موسيقار الفن يرحل موجوعا في غفلة الوطن

بقلم/جهاد أيوب  هو صاحب الموهبة المتوهجة.. هو خامة صوتية متدفقة.. هو يمتلك طبقات صوتية عالية ومؤدية باقتدار.. هو واحة من العطاء الموسيقي، والغنائي، والتمثيلي والكلام، والانتقاد... هو جدلية، رافضة، ومحبة، وعاشقة، وصاخبة يعطي رأيه ويدير كبريائه دون أن يلتفت إلى الوراء. إنه ملحم بركات صاحب التطرف في مواقفه، ولا يعرف المجاملة إلا إذا احب، حينها يلغي كل العيوب، ويصب مائه في خانة الدفاع عن من احب، أو العكس إذ لا مجال للحلول الوسط في مواقفه، ويصب جام غضبه دون تردد على هذا وذاك. ملحم بركات تصارع مع الموت، وتصارع مع البقاء في الفن متميزا، وتصارع مع الافضلية كي يبقى في الواجهة زعيما وحاكما في مملكته، ولا ضرر إن مد صوته لسانه السليط إلى مملكة غيره، لا يخاف من خطأ ارتكبه، ولا يكترث من حرب قرر خوضها، البعض اعتبره مجنونا في فنه وصراعاته ورأيه، وأخر اعتبره طيبا، أما أنا كاتب هذه السطور فاعتبره صديقا مزاجيا بامتياز، صافيا بانسانيته، ثائرا كلما شعر بالخطر بقترب منه ومن وطنه. عرفته في كل الظروف، عرفت اطباعه، وجادلته دون الوصول إلى تغيير رأيه، وبصراحة دائما في رأيه السياسي يصيب، ولكن ف...