التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رضوان حمزة ترجل من زمانه باكرا


بقلم//جهاد أيوب


     صديق النظرات الثاقبة، زميل الصمت المراقب، رفيق المزاجية المحببة غير المزعجة، إذاعي شفاف، ممثل يحلم بالافضل، إعلامي ينتمي إلى البحث الدائم، قليل الكلام، يبوح برأيه مباشرة إذا طلب منه، وإن لم تطلب منه يسير دون أن يلتفت!

قلما شاهدته مبتسما لكنه لا يعرف الحقد ولا استغابة الاخر، لديه دائرة خاصة لا يتخطاها ولا يحب أن يبتعد عنها، كان يحلم بالعيش في كرامة دون ان يستجدي احدهم، لا يطلب خدمات شخصية، ولا يتفوق بانتقاد الضعيف ولا يقبل بذلك، لا يعرف استغلال الفرص، ولا يؤمن باقتناصها...
بهدوء يعيش، وبهدوء يناضل، وبهدوء يسامرك يناقشك يحاورك...
لا يحب الضجيج وهو كل الضجيج، في صمته الضجيج يسكن، وفي ارتداء ملابسه الضجيج يناقض الضجيج، وفي يده سيجارة دخانها ضجيج الضجيج...
لا يرغب بالصراع مع احد وفي داخله أكثر من صراع، يتصارع مع ذاته وذواته وداخله واعماقه وافكاره، ولا يؤمن بالمغامرة بقدر ايمانه بالجديد المقبل...
هو صديقي المحترم...هو رفيق مرحلة التأمل...هو خبير الموسيقى الشعبية الراقية التي كنا نتحاور حولها وفيها دائما...هو المخرج المشغول بالجنون دون ان تدرك ذلك...هو الممثل الرافض لتغير شكله ونمطية صورته رغم تأدية دوره على أكمل ما يطلب منه...هو إعلامي القضية والموقف والوضوح...هو صافي النية حتى الجنون...هو الحاضر الغائب حتى لا يزعج من لا يتفق معه...هو من كنا نحترم سكوته، وننتظر مجالستنا، ونتحدث إليه بمحبة وثقة حتى لو لم يتفوه بكلمة، كنا نسعد بمجاورته ولا نغضب إن سارع بأخذ الموقف الخطأ.
هو رحل باكرا، ترجل عن زمانه باكرا، وكما في حياته وضع الامه واوجاعنا في جيبته الصغيرة فعلها في مماته، لقد رافق الموت دون ضجيج تمسكه بالحياة، ولم يتعب ملك الموت حينما زاره، ربما تبسم له فكانت الابتسامة الاولى النابعة من طفولة شابت قبل المشيب، ربما صادقه بسرعة وكلنا يعلم اننا نصادقه بسرعة البرق إن اجتمعنا به، وربما سامر ملك الموت كي يرافقه إلى دنيا بعيدة عن سماسرة الاعمار المنسية في وطن لا يعرف غير محاربة شبابه، هناك سيجد الكهرباء الدائمة بعيدا عن زعيم يتعمد العتمة، هناك سيغتسل بماء طاهرة لم يلوثها ابن الزعامة المنحدرة من ظلم الوطن، هناك سيغرد مع طائر الفنيق بعد ان هجرنا هذا الاخير تاركا الكذبة الوطنية، هناك سيجد مساحة من كبرياء العيش بعيدا عن وطن كل من يعيش فيه يعيش من قلة العيش!


لقد رحل هذا المجاهد المنعتق بالصبر وبالامل، نعم انغمس بالانتظار، وبأن القادم افضل فكان الموت!
لقد رحل #رضوان_حمزة، انزعج من النهوض باكرا، والسير خلف دقات الساعة ونظام الوقت الروتيني، ببساطة عاش رضوان حمزة بيننا، وببساطة رحل رضوان حمزة، وببساطة حسم رضوان حمزة لحظاته لكن خبر موته هزنا وكسر بساطة الانتظار...
#جهاد_أيوب


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر ...

مبروك تلفزيون لبنان ونبارك للزميل جهاد أيوب على تفوق حلقة "المجد ملحم بركات" وهذه ملاحظاتنا

بقلم// طانيوس أندراوس  ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا. كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً. أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه الت...

عن شذى حسون وأدم في "حرب النجوم"

بقلم//جهاد أيوب الحلقة الاخيرة من البرنامج الانجح والاجمل #حرب_النجوم  مع الفنان الذكي #هيثم_زياد كانت جميلة، لا بل ممتعة، وادخلت البهجة والفرح، ومميزة مع المطربة #شذى_حسون والمطرب #أدم . المطرب أدم صوت مهم جدا، وحساس فوق العادة، يشبه الكرستال في لمعانه وحساسيته وصداه، ورغم ذلك اخذ راحته كثيرا في البرنامج، وهذا خطأ اشعرنا كما لو كان في الشارع، وفوضويته مزعجة، وتعليقاته اضرته...يحتاج إلى التروي إن حكى، والاهتمام بمظهره، والابتعاد عن الارتجال غير المسؤول، وتدريب صوته أكثر فرغم جمالياته تاه منه في اماكن كثيرة! أدم من اجمل الاصوات، وعليه اعادة النظر بخطته الفنية والإعلامية ليصل إلى مكان يليق به... المطربة شذى حسون صوت من ذهب، يؤدي كل انواع الغناء والتطريب، وجمالها يلفت بنعومة جاذبة، ولكن الغباء الثقافي الفني كان واضحا ولا يليق بهذه الموهبة. كان عليها الاهتمام بمظهرها في الحلقة، وتستخدم نعومتها اكثر مع دلال يليق بها...صوت له المستقبل إذا عرفت التخطيط وليس الشهرة السريعة فقط! "حرب النجوم" اهم برنامج منوعات في الوطن العربي، رشاقة واناقة، ومذيع حكم مطرب سريع البديهة وح...