بقلم//جهاد أيوب
صديق النظرات الثاقبة، زميل الصمت المراقب، رفيق المزاجية المحببة غير المزعجة، إذاعي شفاف، ممثل يحلم بالافضل، إعلامي ينتمي إلى البحث الدائم، قليل الكلام، يبوح برأيه مباشرة إذا طلب منه، وإن لم تطلب منه يسير دون أن يلتفت!
قلما شاهدته مبتسما لكنه لا يعرف الحقد ولا استغابة الاخر، لديه دائرة خاصة لا يتخطاها ولا يحب أن يبتعد عنها، كان يحلم بالعيش في كرامة دون ان يستجدي احدهم، لا يطلب خدمات شخصية، ولا يتفوق بانتقاد الضعيف ولا يقبل بذلك، لا يعرف استغلال الفرص، ولا يؤمن باقتناصها...
بهدوء يعيش، وبهدوء يناضل، وبهدوء يسامرك يناقشك يحاورك...
لا يحب الضجيج وهو كل الضجيج، في صمته الضجيج يسكن، وفي ارتداء ملابسه الضجيج يناقض الضجيج، وفي يده سيجارة دخانها ضجيج الضجيج...
لا يرغب بالصراع مع احد وفي داخله أكثر من صراع، يتصارع مع ذاته وذواته وداخله واعماقه وافكاره، ولا يؤمن بالمغامرة بقدر ايمانه بالجديد المقبل...
هو صديقي المحترم...هو رفيق مرحلة التأمل...هو خبير الموسيقى الشعبية الراقية التي كنا نتحاور حولها وفيها دائما...هو المخرج المشغول بالجنون دون ان تدرك ذلك...هو الممثل الرافض لتغير شكله ونمطية صورته رغم تأدية دوره على أكمل ما يطلب منه...هو إعلامي القضية والموقف والوضوح...هو صافي النية حتى الجنون...هو الحاضر الغائب حتى لا يزعج من لا يتفق معه...هو من كنا نحترم سكوته، وننتظر مجالستنا، ونتحدث إليه بمحبة وثقة حتى لو لم يتفوه بكلمة، كنا نسعد بمجاورته ولا نغضب إن سارع بأخذ الموقف الخطأ.
هو رحل باكرا، ترجل عن زمانه باكرا، وكما في حياته وضع الامه واوجاعنا في جيبته الصغيرة فعلها في مماته، لقد رافق الموت دون ضجيج تمسكه بالحياة، ولم يتعب ملك الموت حينما زاره، ربما تبسم له فكانت الابتسامة الاولى النابعة من طفولة شابت قبل المشيب، ربما صادقه بسرعة وكلنا يعلم اننا نصادقه بسرعة البرق إن اجتمعنا به، وربما سامر ملك الموت كي يرافقه إلى دنيا بعيدة عن سماسرة الاعمار المنسية في وطن لا يعرف غير محاربة شبابه، هناك سيجد الكهرباء الدائمة بعيدا عن زعيم يتعمد العتمة، هناك سيغتسل بماء طاهرة لم يلوثها ابن الزعامة المنحدرة من ظلم الوطن، هناك سيغرد مع طائر الفنيق بعد ان هجرنا هذا الاخير تاركا الكذبة الوطنية، هناك سيجد مساحة من كبرياء العيش بعيدا عن وطن كل من يعيش فيه يعيش من قلة العيش!
لقد رحل هذا المجاهد المنعتق بالصبر وبالامل، نعم انغمس بالانتظار، وبأن القادم افضل فكان الموت!
لقد رحل #رضوان_حمزة، انزعج من النهوض باكرا، والسير خلف دقات الساعة ونظام الوقت الروتيني، ببساطة عاش رضوان حمزة بيننا، وببساطة رحل رضوان حمزة، وببساطة حسم رضوان حمزة لحظاته لكن خبر موته هزنا وكسر بساطة الانتظار...
#جهاد_أيوب
تعليقات
إرسال تعليق