بقلم// طانيوس أندراوس
ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا.
كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً.
أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه التلفزيون الأصل والذي يعيد البوصلة الإعلامية إلى رشدها.
كما أن يتفرغ الزميل جهاد أيوب إلى هكذا نوعية من البرامج بطريقة جادة ومسؤولة وقيمة لا تشبه غيره يعني يغامر بسنوات تجربته في النقد والأدب والإعلام، وفي هذه الحلقة أكد أن الحوار يزيد قيمة ولا ينقص من حجم الشخص المقصود والمكرم، وأجمل ما فعله أيوب في الحلقة أنه تدخل كناقد حينما بعض الضيوف خاصة في الجزء الثاني أكثروا من الكلام لمجرد الكلام، مارس دوره وقاطعهم بطريقة ذكية، وقدم معلومات غنية حول بركات ومسيرته لا يعرفها بعضهم!
أجمل ما جاء في الحلقة الكم الهائل من الصور الخاصة، ومن ثم طريقة تقديم أرشيف ملحم على فقرتين غنيتين، وأيضاً اطلالة إم مجد رندة بركات الزوجة والعارفة بخبايا بدايات وأسرار الفنان الزوج!
إطلالة ثرية، ووضوح الشوق، والمسؤولية في عدم نبش الإشكالات، والأهم نحن كمشاهدين لأول مرة نتعرف عليها، وأكاد أنا شخصياً أول مرة اشاهدها تتحدث عبر وسيلة إعلامية، وهي اي السيدة رندة بررت حضورها واطلالتها لثقتها بالسيد جهاد أيوب...وفعلاً كانت ثقة في مكانها الصحيح!
المبدع روميو لحود أغنى الحلقة، ولكن الذاكرة خانته في بعض الأمور المتعلقة بمسيرة ملحم، وما حققه من نجاحات على صعيد التلحين خاصة مع السيدة الأسطورة صباح، ومن ثم الشهرة الكبيرة في سورية غنائياً إلى أن وصل إليه للتعاون معه في مسرحية "الأميرة زمرد"!
الزميل جورج قرداحي أثرى الحلقة بوضوح رأيه والاعتراف أنه لا يفقه كثيراً بقضايا الفن وأسرار بركات فكان التناغم بينه وبين جهاد أيوب أجمل ما يكون، كما لو اتفقا على ذلك، وهذه من شيم الكبار أصحاب الخبرة.
الجزء الثاني كان غنياً مع بعض الملاحظات فالمطربة المعتزلة مجدلا لم تقدم أي معلومة قد تفيد تكريم أبو مجد، وذهبت كثيراً إلى الشخصي في مسيرتها وعلاقتها مع والدها فما كان من الزميل أيوب إلا أن يقاطعها وبشطارة، ويستلم دفة الفكرة لتصويب الحلقة، وكذلك فعل مع السيدة القادمة من سوريا هالة رزق والفنان إيلي عليا!
وعلى ما يبدو هالة وإيلي لا يعرفان تاريخ ملحم كثيراً خاصة بداياته ومنتصف مسيرته لذلك جاء حديثهما عن سنواته الآخيرة حيث تعرفا عليه!
أجمل ما جاء في كلام السيدة هالة حماستها وقصة إبنتها حينما وضعت تراب سورية في نعشه، وهي كانت الأفضل، ولكنها في أماكن كثيرة أرادت السرد و التطويلي، وكذلك فعل إيلي رغم أهمية كلامه الفني، وحتى لا يصاب المشاهد بالملل كان الزميل أيوب يتدخل بسرعة البرق فيقاطعهما ليمارس دوره كناقد ويبوح بمعلومات افادتنا كثيراً حول المكرم المجد!
وأيضاً لا بد من الإشارة إلى أن الإخراج لم ينجح في أخذ كلوزات جيدة لضيوفه، ونقل الصورة بطريقة تقليدية خارج نطاق أننا في حلقة تكريمية مذهبة رغم أن للمخرج تجربة مميزة في حلقة السيدة صباح.
حلقة "المجد ملحم بركات" من تلفزيون لبنان كانت موفقة وناجحة وغنية رغم بعض الملاحظات التي لم تضرها، ويكفي اننا أما خزان مشرق من أرشيف وشاشة نظيفة، وإعلامي أنيق شكلاً ومضموناً يحترم ضيوفه.
تعليقات
إرسال تعليق