رحيل ناطور المسرح الكويتي والمتميز في المسرح العربي فؤاد ابشطي
بقلم//جهاد أيوب
في ليل امس الاربعاء غيب الموت أيقونة المسرح الكويتي فؤاد الشطي...هذا الاسم العربي الذي كان شاهدا حادا وعاشقا ومباشرا وصادقا وصديقا لقضايا بلده وأمته استمر أمينا لنهجه في الفكر والحياة والفن، ولم يخن خطابه يوما وهو الباحث عن كل جديد يخدم تطلعاته!
لم يكن المخرج المبدع فؤاد الشطي مجرد اسم فني من الكويت والسلام، ولم يكن تكملة عدد في الفن العربي، هو من فرسان الابداع المسرحي لكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، هو قيمة رفعت من شأن الخشبة حتى اصبحت احلامه وانفاسه، نظر لها وراقبها، ولم يمل من واقعها، شرب المر فيها وقطف عسلها، عاش مجدها وعرفناه سيدها وخادمها ومحورها.
فؤاد الشطي شكل في مشواره بصمة على مستوى الوطن، وحالة قلقة مباشرة في رأيه ونقده وملاحظاته، عرفته مدماكا قبل ان اتعرف على المسرح الخليجي، وفي كل ندوات المسرح كان قبسا فعالا، وفي المهرجانات العربية كان سيدا مؤمنا بأن للمسرح قدرة على توحيد الفكر والفعل العربي.. قوميا حتى النخاع، يتوجع كلما سقط الشهيد في فلسطين، ويخاف على كل حبة تراب من المحيط إلى الخليج!
رحيل ناطور المسرح الكويتي فؤاد الشطي اليوم وفي ظروف القحط العربي خسارة كبيرة، وصفحة مؤلمة وما يعزينا أن امثاله يحتلون الذاكرة وحنين العودة كلما ضاقت وسائل الابداع، فؤاد المبادر كان يسعى إلى التواصل وحل عقدنا ومناقشة نظريتنا ووضع النقاط على حروف الفن والمسؤولية دون منة، وجدناه جنبنا في كل الظروف، ورأيناه يساند كل المواهب الشابة، وخلناه سيد المسرح الكويتي وشيخه والحامي له.
فؤاد الشطي اسس وزرع وعلم واكتشف المواهب كما صور الحقيقة، عمل في التلفزيون بتميز، وخاطب المسرح بمسؤولية، وحاضر في كل عواصم العرب بكتاب الخبير الذي غرفنا من تجاربه شوقا وتطفلا وصمتا حتى نحاوره ونتعلم منه.
منذ اشهر تحاورنا مطولا عبر الهاتف، وكنت كلما احدثه عن معاناتنا هنا وهناك يعيدني إلى فلسطين ليردد اكثر من مرة:" فلسطين هي اساس صراعنا ونصرنا وفكرنا، وكل ما يدور من حولها بدع تبعدنا عن حقيقة احتلالها وتشتيت تاريخها ".
فؤاد الشطي عاشق بيروت التي اعتبرها توأمة الكويت، وزاهد دمشق كعشقه لتونس والاردن والقاهرة والرياض وسلطنة عمان والبحرين...هو ذاك الفارس المنتصب دائما والعصبي كلما كتب عن من يشوه المسرح ويسوق لفن الانحطاط العربي، لم يتأثر بإعلام الفتنة كما وقع غيره بشرك الخطاب الضيق والغبي، فتح قلبه كي نكون فيه، وشرع منزله كي نصدق اننا في حضرة التواضع، وفرض مسرحة الكويتي كي نتعلم المسؤولية العربية في لغة ابداعية نفهمها ونعشقها ونتابعها، والاهم كان وفيا يسأل قبل ان يتراكم الغبار على ذاكرتنا، وللحق يجب ان يقال ان من يزور الكويت ولا يكون ضيفا على الشطي كأنه لم يزرها، وكأن الزيارة ناقصة الحضور الذهبي.
قد نقصر في عجالة الكتابة عن مبدع في العرب، عن شخصية ثرية في عملها ومواقفها وبصمتها مثل فؤاد الشطي، في هكذا لحظات يتطلب الوقوف احتراما لهذه الجهود الجبارة التي بدأت من التأسيح حتى غدت راية، وان يتنازل الحبر عن كبريائه ليخط عبارات تليق بسيرة الراحل، وان يتواضع المسرح حتى نذهب بخطواته إلى كل من يرغب بالصعود عليه في المستقبل، وان تتزين الحوارات بمعاني زينها في جلساتنا وصفحاتنا وشاشاتنا..
فؤاد الشطي المتوهج دائما عاش قلقا على الأمة وغاب في ورطة حضورها، ورغم امراضه واوجاعه استمر في البحث عن نافذة تقربنا من خلال المسرح، ونظرا لحساسية قلقه وتطلعاته وفوضوية الوجود العربي رفض في السنولت الاخيرة المشاركة في اي برنامج فضائي فقط ركز على المراقبة واعطاء رأيه الصريح من خلال حوارات صحفية!
في رحيل المخرج والمسرحي الكويتي العربي فؤاد الشطي خسارة للفن الملتزم والقيمة، وخطوة ترسم في خباياها حكاية تجارب مسؤولة اوجدت الجوائز العربية المتفردة والحضور المسرحي العالمي بنكهة خليجية تشبهنا.. نعم سقط الفارس من على مسرحه تاركا كما كبيرا من الجهود والكتب والذوق الفني الرفيع والمختلف لأجيال نأمل ان تعود إليه كلما تواضعت كي تتعلم أصول المسرح والفن.
تعليقات
إرسال تعليق