التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مختلفة في الاداء والصوتنلا الزين تشرق وتهذب مسامعنا عبر إذاعة "النور"



بقلم//جهاد أيوب

مهذبة، واثقة، مثقفة، مميزة، طفلة، غنية، متواضعة...هذه هي نلا الزين، إعلامية مقاومة فعلا وقولا ونشاطاً، وحاضرة دائماً في إذاعة "النور" ... مذيعة لا تمل من الاستماع إليها، ومن المستحيل أن لا يوقفك سمعك حينما يلتقط همسات نبرات خطوات صوتها!
ومن النادر في زمن السرعة الاستهلاكية التي وقعنا فيها جميعاً أن لا يخطفك ذهنك إلى عالم الثقة حينما يلفحك هدير مفرداتها الطالعة من صوت يسكنه الوضوح في الحروف، والأضواء في نطق الكلمة، والحنين إلى الجملة الواضحة والمشبعة...منذ زمن نفتقد هكذا قيمة في ثقافة السمع، إن صوت نلا ذهب الاصوات، ربما قليلة هي الاصوات المهمة في زمننا الحالي، ولكن الفرص نادرة، ومع صوت أداء اتزان نلا الزين تصبح الندرة حاضرة، فتسعدنا، وتعيدنا إلى الإذاعة!
هي مختلفة في أداء يزداد ثراء مع الأيام، وصوت يفرض حضوره، ولا يشيخ مع تكرار الاستماع إليه، ولا يصيبنا بالملل مهما تواصلنا معه لكون صاحبته تعرف قيمته، وقيمة ما وهبها الله من موهبة واضحة، لذلك اجتهدت حتى فاح عطر التخمير، وتعبت حتى أصبح مرناً، وثقفته حتى تمكنت من تلوينه بطريقة غنية وشفافة تسمى السهل الممتنع في كيفية ارساله والتواصل معه!
الإذاعة مع نلا الزين نعمة، تذكرنا بالأصالة، وتلفحنا بنسمة تنعشنا بصوت رقيق ورقراق من جداول الجمال، صوت كلما استمعت إليه تحن إلى الشعر، صوت يفرح الخامة، ويعطي اللغة معنى النغمة، ويضيف إلى المعاني عبير اللحن المميز.
"كأنها ترنيمة في قصيدة من سحر"...هكذا أشعر كلما قرأت كلماتنا قصائدنا نثرياتنا العابرة عبر المذياع، معها للصور احاسيسها، وللكلمات كنوزها، وللشعر مغانمه، وللنص هديره...
قد يعتبر من يقرأ كلماتي مديحاً أو مبالغة، لذلك ادعوه إلى السمع، إلى المتابعة، إلى التجرد من الغرور والادعاء والتواضع في الحكم، وحينها قد يعتبر كلماتي أقل مما تستحقه هذه المجتهدة المثابرة المتواضعة، وغير اللاهثة وراء المراكز والشهرة!
اتابعها منذ سنوات عبر صوت "إذاعة النور"، وكلما اردت الكتابة عنها تصفعني بمساحة أكثر ابداعاً لأقع في مساحة أكثر ارباكاً في نصي، واعاود التبصر في السمع والمتابعة لأجد في موهبتها الكثير من ضفاف النهر الصافي والعميق، صافية في نطق سليم لا شائيبه مرضية فيه، والعمق في معرفة ماذا تقدم تقول وتصور وتبوح، لذلك نجدها مقتدرة في استخدام نَفَسَها، وتلعب بثقة في نطق جُملتها، تُدلع كلماتها، وتُعمق مخارج حروفها بنكهة غنية بالعلم والمعرفة، واصول نطق الكلام ... والكلام مع نلا الزين من الذهب المباح.
هي في حرب تموز 2006 جعلت من صوتها بندقية رافقت المقاومين، وزعت نبراته على الصامدين، وأصرت أن تجاهد به واجباً ليخرج رفيقاً مع المنتصرين، واستخدمته للتحفيز وللحماسة، ولدعم بقايا الأمل المنشود رغم قساوة المعركة آنذاك.
هي في تقديم القضايا الثقافية واعية لأهمية هكذا نوعية، فتجدها مجتهدة لا تقع في الخطأ اللغوي، ونظراً لثقل الثقافة، وهروب المستمع منها تتعمد نلا ان تقدمها كوجبة رشيقة، ومتقطعة دون إزعاج لسمع المتتبع، وتمرر الفكرة بذكاء لا تتعمده بل ببساطة الطفلة الخبيرة .
هي في تقديم البرامج الاجتماعية، وبالتحديد حينما تطرح المشاكل الاسرية الحساسة لا تبالغ، ولا تصنع بطولات، بل تجلب إلى المحور أهل الاختصاص، وتسمح لهم بالكلام، وبالمناقشة، وبالتحاور دون فرض عضلاتها، والغريب كيف أن غالبية المستمعين يتواصلون معها ببساطة كما لو كانت نجمة غنائية، ومن المستحيل ان لا تجد التواصل الكثيف مع كل ما تطرحه من مشاكل الناس بين مستمعي الإذاعة...هنا نلا الزين مؤثرة، ومفيدة، ومشاكسة دون أن تجرح أو تكابر، والدليل برنامجها " الاتجاه الصحيح"!
هي في تقديم الحدث، والمناسبات الوطنية، وانتصارات المقاومة، وكبرياء الوطن تتواصل مع الناس بحنكة، بذكاء، تسمح لك بالكلام، وما أن تبدأ بتصفية حساباتك الشخصية، تجدها حاضرة في سرعة بديهة تنقص العديد من مذيعي هذا الزمن الإعلامي الاستهلاكي، ولديها قدرة في أن توقفك دون أن تحرجك، او تتطاول على مداخلتك.
لديها واحة من التهذيب الذكي لا التهذيب النابع من فقر في الموهبة خاصة أن نلا الزين لا تنقصها الشهرة، ولا مساحة في الانتشار، بل هي استاذة في عملها... نعم ينقصها الغرور الذي يقتل الموهبة، ينقصها الثرثرة التي توصل إلى فراغ النجاح، ينقصها أن تحمل حرب الوظيفة حيث العداوة والحقد، ينقصها الأمراض الحقيرة التي تسببها غيرة بين زملاء عداوة الكار حيث تشتت الجهود، وتلاشي التميز، وفقدان النجاح...كل هذا الذي نجده عند غيرها ينقصها، لذلك تفرض علينا أن نتابعها، ويرتوي سمعنا بعد أن كان عطشاً، ونحترم بإعجاب لموهبتها لبرامجها لصوتها، ولطفولة اغانيها الناطقة بهواء لغة الضاد ليصلنا نظيفاً رغم تلويث الأجواء!
نلا الزين فنانة الأداء الصح، ومشرقة في الأداء اللافت، ومدرسة في الحوار مع ضيوفها، وكيفية المقاطعة، وفن الاصغاء، وحشرية اقتحام السؤال والتعقيب، وقيمة في التواصل مع صوتها الرخيم العابر، وموهبتها والمستمع، لذلك لا نتعجب إذا قررت ناشطة الصوت عدم التوقف أو الانقطاع عن عملها رغم ظروفها الصحية الحرجة...تخرج من العلاج لتدخل الاستديو دون أن نشعر بوجعها، وتفرض الفرح، الذوق، الموقف، وتحمل راية اللحظات، وتعاود الاختلاء بالوجع، وإن سألتها عن عمق الألم عندها تتبسم، وتشكر نعم الرحمن، وتتعمد تغيير السؤال الحدث، وتأخذك إلى صبر الفرح، وانتظار الفرج!
أعتذر من ذكر حالة المرض، ولكن على الناس معرفة أن بعض من يرسم لنا السعادة في العمق يتعذب، ويذوب من أجل أن نكون بأفضل حال...عفواً نلا الزين أخاطبك لأنك ايقونة زمن الاستماع السحري حينما تقرعين أجراس الإذاعة...ولن اتحدث عن الإنسان المتواضع فيك حتى لا يقال اكتب المبالغات في زمن كاذب...
#جهاد_أيوب
#نلا_الزين
#إذاعة_النور

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر ...

مبروك تلفزيون لبنان ونبارك للزميل جهاد أيوب على تفوق حلقة "المجد ملحم بركات" وهذه ملاحظاتنا

بقلم// طانيوس أندراوس  ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا. كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً. أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه الت...

عن شذى حسون وأدم في "حرب النجوم"

بقلم//جهاد أيوب الحلقة الاخيرة من البرنامج الانجح والاجمل #حرب_النجوم  مع الفنان الذكي #هيثم_زياد كانت جميلة، لا بل ممتعة، وادخلت البهجة والفرح، ومميزة مع المطربة #شذى_حسون والمطرب #أدم . المطرب أدم صوت مهم جدا، وحساس فوق العادة، يشبه الكرستال في لمعانه وحساسيته وصداه، ورغم ذلك اخذ راحته كثيرا في البرنامج، وهذا خطأ اشعرنا كما لو كان في الشارع، وفوضويته مزعجة، وتعليقاته اضرته...يحتاج إلى التروي إن حكى، والاهتمام بمظهره، والابتعاد عن الارتجال غير المسؤول، وتدريب صوته أكثر فرغم جمالياته تاه منه في اماكن كثيرة! أدم من اجمل الاصوات، وعليه اعادة النظر بخطته الفنية والإعلامية ليصل إلى مكان يليق به... المطربة شذى حسون صوت من ذهب، يؤدي كل انواع الغناء والتطريب، وجمالها يلفت بنعومة جاذبة، ولكن الغباء الثقافي الفني كان واضحا ولا يليق بهذه الموهبة. كان عليها الاهتمام بمظهرها في الحلقة، وتستخدم نعومتها اكثر مع دلال يليق بها...صوت له المستقبل إذا عرفت التخطيط وليس الشهرة السريعة فقط! "حرب النجوم" اهم برنامج منوعات في الوطن العربي، رشاقة واناقة، ومذيع حكم مطرب سريع البديهة وح...