بقلم// جهاد أيوب
في مثل ظروفنا الراهنة يعتبر أي عمل فني جديد جرأة، أما التجريب والسعي لتقديم فيلماً للشاشة الفضية فهو مغامرة، وربما هو الجنون وكلنا يدرك حالنا وسوقنا وأوضاعنا من كل الجوانب، لذلك تحية احترام لفريق عمل فيلم "بالغلط"، والانتاج بصورة خاصة صبحي سنان.
فيلم " بالغلط" منتج منفذ رائد سنان، تأليف رافي وهبي، إخراج سيف شيخ نجيب، ومن بطولة زياد برجي " رامي"، ويشاركه كل من سلطان ديب، وعلي منيمنة، و ساندي حكيم " يارا "، ووسام سعد "أبو طلال"، وداني حلبي، وميرنا مكرزل، وعباس جعفر، وماهر حداد.
الفيلم هو العمل السادس محلياً للشركة المنتجة، والذي بدأ عرضه منذ أيام في افتتاح كبير، وبحضور نخبة من الفنانين والإعلاميين، وبعد سنة من العمل هو تجميع سوالف اراد لها أن تكون توليفة بسيطة غير منسجمة لكنها منمقة كتابياً، ومهضومة اعتمدت بالدرجة الاولى على كاركتر الممثلين، وهذا ما اتبعه للأسف المخرج الذي لم يقم بأي جهد في تسيير ممثليه وأدوارهم، فتركهم على ما عُرفوا به دون أي اضافة تحسب لهم، وتميز العمل!
الفيلم ضاحك، ويضحك، ولن أقول كوميديا لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، الكوميديا من أصعب الفنون ولا تقبل الارتجال في السينما، ولا تكرار الشخصية حينها تصبح الكوميديا عملاً عابراً على نظام البركة وما هو متاح!
من حسنات الفيلم أنه لا يجاري السوق السخيف، ولا يعتمد على المشاهد الجنسية النافرة والمقززة، بل قدم وجبة فكاهية لطيفة لا علاقة لها بعالم السينما بقدر ما هي مشاهد شونسونيه مركبة ومصورة عبر كاميرا !
كما كشف الفيلم عن كاتب وسيناريست جيد، ورشيق، وبعض حواراته جمله جميلة وخفيفة وهذا قد يجذب المشاهدين، ولكن المشكلة في ابتكار حدوته والتخلي عنها بعيداً عن تعميق الفيلم مثل اقحام قصة المسؤولين بقصة عاطفية ساذجة، وانفصال الأولى عن الثانية، وإعدام الاولى بهذه الطريقة افقر الفيلم ككل، كان بالإمكان اسقاط البعد الكوميدي القوي من خلال دمج القصتين في قصة متداخلة وبأبعاد درامية، وأما الاصرار على تقديم هكذا نهاية للفيلم، وبالتحديد في شخصية يارا الرافضة للخداع والكذب اكد أن عملية الارتجال، وتركيب الحدوثة جاء خلال التصوير ...ما حدث ضياع وضعف!
* تداعيات كادر ومخرج
اعتمد المخرج على التقاط مناظر جميلة من زوايا الطبيعة اللبنانية، لكنه أخفق في ايصال مشاهده، وبدت مقحمة ضمن كادرات تفتقد إلى عين مخرج، وتفتقر إلى التميز، وما شاهدته لا يليق بالسينما، خاصة ان العالم اليوم يعتمد في تصويره على كاميرتين فقط " آلسكا و ريد"، أقصد أن الصورة أصبحت تحصيل حاصل، ومتاحة، و"الكواليتي" ليست منافسة بقدر المحافظة على الخصوصية، وهنا كانت مجرد مشاهد تفتقد الزخرفة والتي لم تدعم النص والاداء والحالة والمعنى فغاب الاهتمام بتفاصيل التقنية، وظهرت الاضاءة مسطحة فقيرة في المشهد الداخلي والخارجي، فقط توفق المخرج في المشهد الاخير من الفيلم!
إن دراسة الكادر تعتبر بصمة ومسؤولية، وهذه كانت علة العمل، وبينت ضعف امكانيات المخرج بصرياً ومشهدياً، وعشنا طيلة الفيلم على كادر ضعيف في جمع أكثر من ممثل، وآخر تتسع فيه العدسة دون التقاط ما نسمعه من حوار، ومن ردات تعابير الممثلين، وطبيعة الحالة، والذي ازعج أكثر وضع الصوت المشتت، ولا ندري ما السبب؟!
ضاعت المشاهد مع الزمن، ولم يكترث المخرج للحظات الوقت، فمثلاً مشهد اقتحام الفيلا كان نهارياً ليصبح ليلياً مع أن الزمن والوقت لم يتغيرا، ولحظة مراقبة فيلا المسؤول، وقدوم سياراته والنار كانت مشتعلة أمام الخيمة بطريقة قوية، وتترك من قبل فريق المراقبة دون الاكتراث لحال النار كما لو لم تكن!
ومشهد المقبرة نفذ بطريقة عجيبة وغير مقنعة، ولا علاقة للإضاءة فيها، ولا علاقة للحوار باللقطات!!
اما المكياج فحدث ولا حرج، ولأول مرة في تاريخ المكياج تكون التجاعيد بالطول ومخيفة مع أن رسم الزمن تظهر بالعرض وبالتحديد مكياج الجدة والأم والعمة، وفي أكثر من مشهد خرجت البودرا من وجه زياد برجي !
إذا اردنا العمل في السينما علينا إحترام الألوان والصورة والصوت، وإذا اردنا الفيلم الكوميدي علينا الإعتراف أن النكتة تضحك، ولكن النكتة ليست الفيلم!
وإذا أردنا خلق الأحداث لا بد أن نخلق حدوثة بأبعاد درامية، وفي " بالغلط " لا يوجد حلول درامية لاي مشهد!
إذا أردنا ادارة ممثل في السينما علينا احترام فكرة الإضافة للممثل، وليس استغلال نجاحات الممثل عبر التلفزيون، ونتركه يلعب بما لديه من امكانات مكررة كما حال غالبية من مثل في " بالغلط"!
* الممثلون
زياد برجي قريب من القلب، مطواع، ويحتاج إلى إدارة مخرج حتى يعطي الحالة، لذلك غالبية مشاهدة كانت بحالة تعبيرية واحدة، وقدم ثلاث اغنيات جميلة، وستضيف النجاح للفيلم وله.
وسام سعد " أبو طلال " الافضل، كان باستطاعته أن ينقذ الفيلم والمشاهد لو كُتب له سيناريو اوسع، واستغلت موهبته وشخصيته وعفويته، ودرس المخرج امكانياته ودوره، ولكنه تُرك على سجيته حتى في وقوعه بالخطأ!
علي منيمنة وسلطان ديب ثقة، تمثيل صحيح، ولو تنبه لهما المخرج والكاتب لكان عَمق دورهما ضمن لعبة الفيلم، لأنهما المكسب الفعلي للعمل، ويبشران بالكثير.
ساندي حكيم فنانة حاضرة، جميلة القوام، لديها مقدرة على أن تقدم أفضل مما اعطي لها، حاولت ونجحت.
دانا حلبي غير مقنعة، وصلنا الدور بتصنع، باستطاعة المخرج أن يصنع من دورها حالة خاصة، ولكنه لم يتمكن، وكان باستطاعتها أن تلعب الدور بطريقة مغايرة كليا،ً وتاه منها لفقدانها الخبرة، وعدم فهم خصوصية الشخصية والمشهد!
ميرنا مكرزل لونت في أداء الشخصيات الثلاثة وللأسف لم تقنعنا، حاولت واجتهدت إلا أن مساحة الادوار دخيلة غير مؤثرة رغم أن الشخوص محورية...ميرنا فنانة تمتلك لمحة لو اتيحت لها فرصة أكبر بشرط رسم الخط الدرامي لها.
عباس جعفر ، مندفع ورشيق يحتاج إلى إدارة مخرج، وتوجيهات مستمرة حتى يتشبع من كاركتيره الذي لا يعرف الخروج منه. هو لا يخاف من الكاميرا ومغامر، وهاتان النقطتان جيدتان في لجم اندفاعه، وتقديمه كممثل، وفي كثير من الأحيان كان حضوره مزعجاً، أما تركيبة غالبية مشاهده خاصة في "المقبرة" فكانت غاية بالبدائية، وكأننا أمام طلاب مدرسة أطفال.
ماهر حداد لم يخرج من عباءة شقيقه الفنان هشام حداد، الموهبة الكوميديانية لديه واضحة، وتنتظر من يوقظها!!
فيلم " بالغلط" منتج منفذ رائد سنان، تأليف رافي وهبي، إخراج سيف شيخ نجيب، ومن بطولة زياد برجي " رامي"، ويشاركه كل من سلطان ديب، وعلي منيمنة، و ساندي حكيم " يارا "، ووسام سعد "أبو طلال"، وداني حلبي، وميرنا مكرزل، وعباس جعفر، وماهر حداد.
الفيلم هو العمل السادس محلياً للشركة المنتجة، والذي بدأ عرضه منذ أيام في افتتاح كبير، وبحضور نخبة من الفنانين والإعلاميين، وبعد سنة من العمل هو تجميع سوالف اراد لها أن تكون توليفة بسيطة غير منسجمة لكنها منمقة كتابياً، ومهضومة اعتمدت بالدرجة الاولى على كاركتر الممثلين، وهذا ما اتبعه للأسف المخرج الذي لم يقم بأي جهد في تسيير ممثليه وأدوارهم، فتركهم على ما عُرفوا به دون أي اضافة تحسب لهم، وتميز العمل!
الفيلم ضاحك، ويضحك، ولن أقول كوميديا لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، الكوميديا من أصعب الفنون ولا تقبل الارتجال في السينما، ولا تكرار الشخصية حينها تصبح الكوميديا عملاً عابراً على نظام البركة وما هو متاح!
من حسنات الفيلم أنه لا يجاري السوق السخيف، ولا يعتمد على المشاهد الجنسية النافرة والمقززة، بل قدم وجبة فكاهية لطيفة لا علاقة لها بعالم السينما بقدر ما هي مشاهد شونسونيه مركبة ومصورة عبر كاميرا !
كما كشف الفيلم عن كاتب وسيناريست جيد، ورشيق، وبعض حواراته جمله جميلة وخفيفة وهذا قد يجذب المشاهدين، ولكن المشكلة في ابتكار حدوته والتخلي عنها بعيداً عن تعميق الفيلم مثل اقحام قصة المسؤولين بقصة عاطفية ساذجة، وانفصال الأولى عن الثانية، وإعدام الاولى بهذه الطريقة افقر الفيلم ككل، كان بالإمكان اسقاط البعد الكوميدي القوي من خلال دمج القصتين في قصة متداخلة وبأبعاد درامية، وأما الاصرار على تقديم هكذا نهاية للفيلم، وبالتحديد في شخصية يارا الرافضة للخداع والكذب اكد أن عملية الارتجال، وتركيب الحدوثة جاء خلال التصوير ...ما حدث ضياع وضعف!
* تداعيات كادر ومخرج
اعتمد المخرج على التقاط مناظر جميلة من زوايا الطبيعة اللبنانية، لكنه أخفق في ايصال مشاهده، وبدت مقحمة ضمن كادرات تفتقد إلى عين مخرج، وتفتقر إلى التميز، وما شاهدته لا يليق بالسينما، خاصة ان العالم اليوم يعتمد في تصويره على كاميرتين فقط " آلسكا و ريد"، أقصد أن الصورة أصبحت تحصيل حاصل، ومتاحة، و"الكواليتي" ليست منافسة بقدر المحافظة على الخصوصية، وهنا كانت مجرد مشاهد تفتقد الزخرفة والتي لم تدعم النص والاداء والحالة والمعنى فغاب الاهتمام بتفاصيل التقنية، وظهرت الاضاءة مسطحة فقيرة في المشهد الداخلي والخارجي، فقط توفق المخرج في المشهد الاخير من الفيلم!
إن دراسة الكادر تعتبر بصمة ومسؤولية، وهذه كانت علة العمل، وبينت ضعف امكانيات المخرج بصرياً ومشهدياً، وعشنا طيلة الفيلم على كادر ضعيف في جمع أكثر من ممثل، وآخر تتسع فيه العدسة دون التقاط ما نسمعه من حوار، ومن ردات تعابير الممثلين، وطبيعة الحالة، والذي ازعج أكثر وضع الصوت المشتت، ولا ندري ما السبب؟!
ضاعت المشاهد مع الزمن، ولم يكترث المخرج للحظات الوقت، فمثلاً مشهد اقتحام الفيلا كان نهارياً ليصبح ليلياً مع أن الزمن والوقت لم يتغيرا، ولحظة مراقبة فيلا المسؤول، وقدوم سياراته والنار كانت مشتعلة أمام الخيمة بطريقة قوية، وتترك من قبل فريق المراقبة دون الاكتراث لحال النار كما لو لم تكن!
ومشهد المقبرة نفذ بطريقة عجيبة وغير مقنعة، ولا علاقة للإضاءة فيها، ولا علاقة للحوار باللقطات!!
اما المكياج فحدث ولا حرج، ولأول مرة في تاريخ المكياج تكون التجاعيد بالطول ومخيفة مع أن رسم الزمن تظهر بالعرض وبالتحديد مكياج الجدة والأم والعمة، وفي أكثر من مشهد خرجت البودرا من وجه زياد برجي !
إذا اردنا العمل في السينما علينا إحترام الألوان والصورة والصوت، وإذا اردنا الفيلم الكوميدي علينا الإعتراف أن النكتة تضحك، ولكن النكتة ليست الفيلم!
وإذا أردنا خلق الأحداث لا بد أن نخلق حدوثة بأبعاد درامية، وفي " بالغلط " لا يوجد حلول درامية لاي مشهد!
إذا أردنا ادارة ممثل في السينما علينا احترام فكرة الإضافة للممثل، وليس استغلال نجاحات الممثل عبر التلفزيون، ونتركه يلعب بما لديه من امكانات مكررة كما حال غالبية من مثل في " بالغلط"!
* الممثلون
زياد برجي قريب من القلب، مطواع، ويحتاج إلى إدارة مخرج حتى يعطي الحالة، لذلك غالبية مشاهدة كانت بحالة تعبيرية واحدة، وقدم ثلاث اغنيات جميلة، وستضيف النجاح للفيلم وله.
وسام سعد " أبو طلال " الافضل، كان باستطاعته أن ينقذ الفيلم والمشاهد لو كُتب له سيناريو اوسع، واستغلت موهبته وشخصيته وعفويته، ودرس المخرج امكانياته ودوره، ولكنه تُرك على سجيته حتى في وقوعه بالخطأ!
علي منيمنة وسلطان ديب ثقة، تمثيل صحيح، ولو تنبه لهما المخرج والكاتب لكان عَمق دورهما ضمن لعبة الفيلم، لأنهما المكسب الفعلي للعمل، ويبشران بالكثير.
ساندي حكيم فنانة حاضرة، جميلة القوام، لديها مقدرة على أن تقدم أفضل مما اعطي لها، حاولت ونجحت.
دانا حلبي غير مقنعة، وصلنا الدور بتصنع، باستطاعة المخرج أن يصنع من دورها حالة خاصة، ولكنه لم يتمكن، وكان باستطاعتها أن تلعب الدور بطريقة مغايرة كليا،ً وتاه منها لفقدانها الخبرة، وعدم فهم خصوصية الشخصية والمشهد!
ميرنا مكرزل لونت في أداء الشخصيات الثلاثة وللأسف لم تقنعنا، حاولت واجتهدت إلا أن مساحة الادوار دخيلة غير مؤثرة رغم أن الشخوص محورية...ميرنا فنانة تمتلك لمحة لو اتيحت لها فرصة أكبر بشرط رسم الخط الدرامي لها.
عباس جعفر ، مندفع ورشيق يحتاج إلى إدارة مخرج، وتوجيهات مستمرة حتى يتشبع من كاركتيره الذي لا يعرف الخروج منه. هو لا يخاف من الكاميرا ومغامر، وهاتان النقطتان جيدتان في لجم اندفاعه، وتقديمه كممثل، وفي كثير من الأحيان كان حضوره مزعجاً، أما تركيبة غالبية مشاهده خاصة في "المقبرة" فكانت غاية بالبدائية، وكأننا أمام طلاب مدرسة أطفال.
ماهر حداد لم يخرج من عباءة شقيقه الفنان هشام حداد، الموهبة الكوميديانية لديه واضحة، وتنتظر من يوقظها!!
تعليقات
إرسال تعليق