بقلم//جهاد أيوب
قبل الدخول إلى حفل السيدة ماجدة الرومي والذي اندرج ضمن "مهرجان بيت الدين"، اسجل اعتذاري عن تأخري في نشر هذا المقال لأسباب عائلية خاصة بي، وبعد مرور اسبوع على الحفل، انشر الموضوع مع حذف بعض اللحظات الغنائية منه، والاكتفاء بالحالة التي صنعتها قيثارة المهرجانات ماجدة الرومي حضورا...
قد تكون حفلات الماجدة قليلة هنا وهناك حسب ظروف المكان والزمان، لكنها تسعى بشغف أن يغرد صوتها في كل زوايا الارض، وأشير إلى هذا لمعرفتي الجيدة بصاحبة الصوت الحالم، والثائر، والرافض لواقعنا مهما اختلفنا معه اعجابا أو نقدا أو مزاجا!
وقد تكون اطلالات الماجدة الإعلامية قليلة لكونها تنشر الفرح، وليس المطلوب منها سرد حكايات بالية، وخطابات ممجوجة بسياسة الكيف والتطرف.
هي صديقة وفية تعرف متى تسأل عن صديق، وكيف ترحب بالضيف، وكيف تساعد في مسح تعب المشوار، هي كتلة من الغناء الكلمة الشعر والصوت، دورها أن ترشقنا بحلمها، وتحمله نسائم التغريد الغنائي، وأناقة الفن بتفاصيله المنوعة مع شكل، وطلة، ونغم، وشعر، وأداء، لذلك تنتظر المكان الحدث اللائق، وبدورنا ننتظرها، ونتبع خطواتها كي نعيد رسم اللوحة الجميلة!!
ذهبنا إلى "بيت الدين" محملين بكل تناقضاتنا على أمل استشراق ما يسعدنا، التنظيم يليق بسيدة تغمر الفن، والاستقبال أكثر من مخملي الترحيب، والوقت من ذهب فلوحت بيدها معلنة انطلاقة شرارة الغناء المخملي...
اشتعل المكان بالترحيب، لا مجال لفراغات التصفيق، الكل يستعد لاستقبال شرارة العزف، وحتى الطيور كانت واقفة على حافة القصر، تعلن عن وقوف طيرانها، وشوق هبوط رحلتها لتستقبل معنا أمواج غناء الماجدة على ضفاف الأمل...
في كل حفلاتها تخوض ماجدة الرومي معركتها مع الفرح، وفي هذه الحفلة المقبلة من انتصارات الوطن رغم اوجاع الارض أصرت الماجدة أن ترسم مساحة الفرح باتزان كي يصل إلى المتعبين بانتعاش.
هي ليست مجرد مؤدية والسلام، وهي ليست مغنية ترغب بفتح فمها وتتمايل وترحل، وهي ليست عابر سبيل، بل هي أصل الماء والنغم، وكتل من أحاسيس عاشقة لندى الحلم والانتظار، وما أجمل الانتظار إذا رافقه فعل الحلم...
هي محاورة ذكية تتشوق معنا إلى تقديم البهجة مع فكرة، اقصد لا تغني ماجدة الرومي عباطة، ولا من اجل التسلية، ولا حتى من اجل أن تقول أنا موجودة...
تغني قيثارة النغم الماجدة من أجل اسعاد الفرح، واعطاء جرعات من السعادة لمن انهكته هذه الحياة، وأيضا تغني حتى يبيض السواد، وتشرق الشمس في ليل المظلومين، وينبت زرع الياسمين، وتأخذ العصافير رزقها من سنابل حقول المعطائين.
اطلت بثوبها التراثي العربي المشغول بتعب التاريخ، وذوق رفيع، حينما تحركت على المسرح لاح ثوبها كالموج الراقص مع الإضاءة فاح نسيم خصرها ليخطف الألوان، لحظة باج، ولحظات أبيض يقترب إلى العاجي، ولحظات يتنشق الزهر منه، لكنه أي الثوب لا يليق إلا بالأميرات...
نعم كانت ماجدة الرومي بعباءة التاربخ كأميرة فُوضت من أجل البهجة، وادهاش اللحظة... تلفتت لترحب بالاحباب والاصدقاء، وترسم السلام بالنظرات...تبسمت، رفعت يدها، عانقت الزهور المزروعة أمامها، ومع كل حركة رقصة ناعمة، تمايلها مع معزوفة أنغامها زرعت رشاقة شبابية فرضت اتساع مساحة المكان، فوقع السحر، ليزدحم النغم راضيا مرضيا.
وقفت في باحة قصر "ببت الدين" فكانت أميرة المكان دون منازعة، جعلت من المكان كرنفالا رغم الحضور الرسمي، ايقنت أن قوتها في الغناء، فكان أن عشقها الغناء!
رحبت، تكلمت، تمايلت، رشقتنا بنظرات اطمئنان كأنها تقول لنا: "شاهدتكم، وتلمست حضوركم، وفرحت بكم، وأغني لكم"...
ماجدة الرومي غنت قديمها فعاودنا الحنين إلى لحظات وردية فيها ذكريات موجعة، ولكن صورها مفرحة، جربت جديدها فشعرنا أننا نردد معها زيدينا شوقا زيدينا فالمسرح معك يبلسم تعب المشوار، وسنين العمر...
شكرا ماجدة الرومي على استضافتنا، فتلك الأمسية مرت بسرعة، لم تشفينا، وغليلنا الفني يرغب بالمزيد، ونطالبك بأمسية مقبلة مقبلة مقبلة ومسرعة...
#جهاد_أيوب
#ماجدة_الرومي
#مهرجان_بيت_الدين
تعليقات
إرسال تعليق