التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سمير يزبك رحل بهدوء وحمل جحودنا



سمير يزبك رحل بهدوء وحمل جحودنا

بقلم//جهاد أيوب
        هو من فرسان الاغنية اللبنانية، وصل إلى عالمها عن طريق الصدفة بعد ان سمعه روميو لحود، واعجبت بصوته السيدة صباح، لم يكن فوضاويا لا في حياته ولا في اختياراته ولا في تعامله مع الناس والفن..هو مطرب الربابة وموجوع الموال سمير يزبك.
عرفناه طبيبا يداوي بصوته جراح السمع، وعرفناه حنونا يتواصل مع الزملاء بكبرياء وحنين وصدق، وعرفناه خيالا صاحب المواقف المحبة والبيضاء، وعرفناه مطربا كبيرا يقف في الصفوف الاولى.
وصل إلى الفن وكانت الطريق ممهدة أماكه من قبل كبار الفن اللبناني امثال صباح ووديع وفيروز ونصري، وحاضر الفن يحتاج إلى النوع الجميل امثال حنجرته الذهبية، وقف على مسرح الفن بثقة، لم يخن موهبته لكن ظروف الوطن خانت احلامه، لم يتعثر بالنغم ولكن أيامه تعثرت من رزق صعب المنال، ولم يغدر بالفن والزملاء والبلد لكن تشتت الوطن والزعامات السياسية جعلته يتوه بانتظار الذي طال!
سمير يزبك الذي غيبه الموت امس ليس مطربا عاديا بل هو بصمة في الزمن الجميل، غنى بثقة عارمة وبتواضع الناجحين وبحنان النغم على الوتر، زاد النغمة العربية جمالا، واعطى من دون حساب، وثقف نفسه وفنه من تجاربه، وحمل لواء الفن دون غيره حتى انخرط مع الراية كأنه هو الراية.
عرفته قبل مرضه شهما شامخا، لا يعرف الغرور، ولا يقترب من الادعاء، لا يسمح بالتدخل في شؤون غيره، ولسانه مصان، ولا يتطاول على من علمه الحرف والسلم الموسيقي، في جلساته لا يسمح بالنميمة، وفي واجباته الاجتماعية حاضرا بقوة الواجب، أما علاقته مع اسرته فهو الاب الاخ والطفل الحنون.
نعم قصرنا معك ليس حقدا او تجاهلا بل لان زمننا قاحطا، وصفحاتنا خاوية، ولغتنا الانسانية تنتظر الامل المهجور والرزق المغبون، تكالب عليك مرض السرطان وتكالبت علينا وحول الايام، العلاقات الانسانية التي كنت تنشدها وتعشقها ليست مهمة في زماننا الاجوف من العلاقات الحق، لحظاتك الجميلة التي زينتها بتصرفاتك ومواقفك نحن غدرنا بها بحجة الصورة الملونة وفتيات اللهو حيث اصبحن الفن المعاصر، وصيصان الغناء حيث اصبح الصوص هو المطرب، والمطرب من دون صوت..
سمير يزبك كتبت مسيرتك بذهب أوجاعك، وحملت ما تبقى لك من امل لترحل إلى رب يعرف قيمة من يخلقهم، هناك ستجد ضالتك في جمال الروح المتسامحة فنحن هنا لا نعرف ان نحافظ على النقاء والصفاء والسماح...في #رحيل_سمير_يزبك خسر الغناء اللبناني ربابة الصوت السجن، وخسرت الانسانية رهبانها، وخسرت ايامنا ناطور الايام الوردية التي كانت..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك تلفزيون لبنان ونبارك للزميل جهاد أيوب على تفوق حلقة "المجد ملحم بركات" وهذه ملاحظاتنا

بقلم// طانيوس أندراوس  ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا. كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً. أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه الت...

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر ...

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت/ بقلم جهاد أيوب

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت "بونجور بيروت" وثائقي جورج صليبي يلملم ذاكرة تندثر • رسم الدهشة في صعوبة أحياء الروح من دمار الأفعال • الفيلم يصفع الفعل والفاعل والذاكرة والمذكور ويتركنا نتألم • عابه تطويل حوارات لا فائدة منها وشهادات شاركت في ذبح بيروت • موسيقى رائعة لـ جاهدة وهبي ونص متفوق والتقاط صورة ناطقة • مشاركة الفنان أسعد قيمة ومونتاج ذكي في مزج الماضي مع الحاضر بقلم||جهاد أيوب        حينما نخاطب الذاكرة نكون قد ضمنا نصف النجاح، ولكن النوايا الحسنة قد لا تصنع التميز رغم العاطفة المتدفقة بحق الماضي الذي يسجن في كلمة" الماضي الجميل" حتى لو كان قبيحاً، لذلك مجرد الانطلاق للحديث عن تاريخ لا يزال حياً نكون قد وقعنا في المحظور والقلق والخوف من النقد المباشر والرفض قبل المشاهدة والتنفيذ، وهذا ما أصاب فكرة انطلاقة فيلم " بونجور بيروت" للزميل الإعلامي والمخرج جورج صليبي، وايضا اصابنا نحن أبناء بيروت وأهلها ومن عايشها ويعرف تفاصيلها الدقيقة، ورقصنا مع زواريبها وشوارعها وعانقنا قصورها ومنازلها، وخاطبنا طيورها وشجرها والوان نو...