التخطي إلى المحتوى الرئيسي
هربوا لجمع العيش العلم المال إلى الغرب وعادوا ارهابيين متخلفين!



بقلم//جهاد أيوب  

          من عجائب أيامنا، وفي حضور تكالب الزمان على امتنا، وفوضوية وجودنا المستتر خلف لسان التعصب والجهل، والادعاء في المعرفة رغم تعمد واكتشاف نظريات المنطق الاعوج، وصحة الخطأ في الاستنتاجات والكلام والنظريات والاحاديث والبينات، أننا نجد اكثر منظري التطرف الديني في بلادنا ممن يحمل شهادات عليا ودكتوراه، والغالبية تخصص وعاش في بلاد الغرب!

يضاف إلى ذلك أن غالبية المتحجرين فكريا، والمتطرفين في الدين يأتوننا من هجرة بلاد الغرب، زمر شكت من الظلم في بلادنا، واحاكت عمرها من قلة الفرص وضيق الرزق، والتعامل معها على اساس انها من فصيلة الرقم ليس أكثر، فقررت الهجرة بحثا عن حياة خارج القبيلة والعدد، ذهبت ومعها مخزونها من العقد التربوية والطائفية والخوف من الجديد، هرولت إلى بلاد الكفار كما تعتقد لتجد ملاذها في العيش الكريم، واخذت فرص حياتها في العلم والمال والتنظير والرأي، ومعرفة في كيفية استخدام الحرية، وموافقة بشروط تطبيق قانون البلد الجديد!
هذا المهاجر الذي اكتسب الجنسية والحقوق استمر في العيش بعقدة الماضي، ورواسب التربية التي تأخذ المواقف من الاخر دون أن تعرفه، والاخطر ذهاب اولاده إلى الانغماس مع عادات وتقاليد ونظام بلاد الغرب حتى التخمة مما ولد لديه عقد تترجم بالانزواء الديني، وهذا الانزواء ولد التطرف الطائفي ليحقد على محيطه الذي اعطاه انسانيته، ويقرر التغيير في أمته حيث كان صغيرا، وهجرها قرفا ومعصية، وهرب منها بحثا عن الامن والامان والرزق دون أن يسأل عن الحلال والحرام!

تعلم في مدارس الغرب، وجد المساجد التي بنتها اموال الخليج وتحديدا الاسلام السياسي المحبوك بالفكر الوهابي، غمرته السعادة حينما لملم صوره الممزقة في اروقة التعصب الطائفي الذي يسكنه منذ صغره، كانت فرحته لا توصف حينما وجد المساجد والمراكز الدينية هناك تغذي تطرفه الذي يستعيده دون معنى، لم يستفد من الحرية التي غلفت حياته الجديدة، ولم يتعلم من الحوار، عاش المظاهر وسكن الحقد الافكار المتطرفة في داخله، خاف من حرية الجنس الذي مارسه ليلا حتى الجنون، ازعجته اصوات اجراس الكنائس، اربكته نجاحات البعض، وعاش عقدة طائفية لم يعرف الخروج منها...استمر بالعيش في دائرة فراغات الماضي رغم استغلال رزق وفكر وحركة مجتمعه الجديد، ساير النظام التربوي لمرحلة تقوية عوده، ابتسم للتربية الاسرية دون ان يفهمها وفي سره انعطافا نحو الطريقة التي تربى عليها خاصة في فهم الله والطائفة!

شرب انفصاما بين عقد الماضي، وعنصرية الفكر الطائفي بحجة ان دينه هو الاساس والباقي شياطين! كبر في بلاد الغرب، عاش حياة النكاح بتطرف، تعلم وهو يستخف بعلم من علمه، مارس التكاثر على اساس عقده، صعد التطور كما لو امتطى الجمل، خاف من الحرية فعقد اولاده او خسرهم كلما فرضوا رأيهم وناقشوه رافضين نظرياته، وباحثين إلى تطلعات افضل، ومن دون قصد قاموا بمقارنة بين بلاد الهوية وبلاد اعتطهم هوية العيش وضمانة الاستمرار!

العديد من جيل الغربة لم يفكر بالتعصب إلا إذا خاض في فكرة التدين المتطرف المتزمت الساعي لالغاء الاخر، لذلك نجد ان بعض من عاش وتعلم هناك، ووصل إلى مراتب عليا لا يزال يعيش في تعصب ماضيه وعقد اجداده، ونظريات طائفية متطرفة بالية فيها الخوف من الله وليس الايمان به!

قرر هذا المتعلم في الغرب خلق تحالفاته مع الكراهية الدينية، فزرع عرقية متخلفة هدفها استحمار ذاته دون ان يشعر، ووجدناه حاقدا على الشكل فارخى ذقنه، وارتدى الملابس المتخلفة، ورفض النظافة بحجة الجهاد، وقرر العيش بين قذارة الفكر وقمامة التصرف والحركة الاجتماعية، ومارس الجنس الذي يخافه رغم انه ملاذه بكل انواع التطرف، أما القتل الماجن فحدث ولا حرج..نحن هنا لا نعتبر ان انتشار هذا التطرف الديني المجنون ولد في الغرب عند ضعفاء الايمان، ومهزوزي الانسانية فقط، بل هو معهم منذ الولادة، وحافظو عليه سرا حتى وجد فرصته في ازاحة الستارة عنه، ويلاقيه العديد في بلادنا، بل هو موروث غذته الكتب العنصرية، وكثافة الكذب في السند والحديث، والتربية المريضة، يضاف إليها الخوف من الاخر وهذه الاخيرة مصاحبة بعقدة الخواجة منذ الاستعمار المادي والمعنوي، وهذا الاخر الغربي لديه حذرة من المهاجر الماجن، واصر ان يعيش هذا المهاجر في بلاده كما يفكر دون ان يترك بصمة في نظرية عيشه، بل ترك الاخر لهذه المجاميع المهاجرة حرية الحركة الدينية، وتركه تحت حجة الحرية -وهنا الحرية تكون مرة وغايتها خبيثة - تركه لهم ليس عبثا او فراغا بل ﻻجل تحويل ذواتهم إلى احتلال لذواتهم الممجوجة بامراض نفسية، وما ان ازعجت هذه الامراض مجتمعاتهم الجديدة ذكروهم بأن بلادهم الاولى تحتاج إلى ارهابهم، فتركوهم للرحيل خلف حدودهم، وصولا إلى بلادنا الام حيث الخلافة!

نعم، اكثر من يعيش فكرة القتل والارهاب في بلادنا يحمل درجات علمية عليا، وغالبية قيادات التطرف والدواعش يحمل اكثر من جنسية غربية، وعاش في بلاد الغرب لسنوات طوال، وهذا يفرض معادلة تقول: "لا ينفع العلم دون معرفة، ولا قيمة للمعرفة اذا لم تقارن بالانفتاح، وسلاح الانفتاح العلم، و يسيران مع الانسانية حتى يخدما الفكر والمجتمع لا ان يدنسعى لتبرير اخطاء الماضي بكل اشكاله الدينية والطائفية، أو نبرر جرائم الماضي بحجة التصالح مع جرائم الحاضر مفندين جرائمنا بأغصان العلم والمعرفة في الدين والفكر"!

اذا، العلم لا قيمة له اذا ابتعد عن الانسنة، والمعرفة هنا اهم لكونها ابنة التجربة، والتجربة محورها الانسنة، والانسنة تعني الخروج من فكر الالغاء وتكفير الاخر حتى لو لم يكن من قبيلتنا الدينية، الانسنة تحترم الذات وتقرب المسافات، وتفرض الحوار مع الذات وصولا إلى استيعاب ما نحن عليه دون عقد الالغاء..
نحتاج الى قراءة خاصة في بحثية الطابع والهوية دينيا واجتماعيا وتربويا وجغرافيا وانسانيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك تلفزيون لبنان ونبارك للزميل جهاد أيوب على تفوق حلقة "المجد ملحم بركات" وهذه ملاحظاتنا

بقلم// طانيوس أندراوس  ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا. كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً. أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه الت...

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر ...

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت/ بقلم جهاد أيوب

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت "بونجور بيروت" وثائقي جورج صليبي يلملم ذاكرة تندثر • رسم الدهشة في صعوبة أحياء الروح من دمار الأفعال • الفيلم يصفع الفعل والفاعل والذاكرة والمذكور ويتركنا نتألم • عابه تطويل حوارات لا فائدة منها وشهادات شاركت في ذبح بيروت • موسيقى رائعة لـ جاهدة وهبي ونص متفوق والتقاط صورة ناطقة • مشاركة الفنان أسعد قيمة ومونتاج ذكي في مزج الماضي مع الحاضر بقلم||جهاد أيوب        حينما نخاطب الذاكرة نكون قد ضمنا نصف النجاح، ولكن النوايا الحسنة قد لا تصنع التميز رغم العاطفة المتدفقة بحق الماضي الذي يسجن في كلمة" الماضي الجميل" حتى لو كان قبيحاً، لذلك مجرد الانطلاق للحديث عن تاريخ لا يزال حياً نكون قد وقعنا في المحظور والقلق والخوف من النقد المباشر والرفض قبل المشاهدة والتنفيذ، وهذا ما أصاب فكرة انطلاقة فيلم " بونجور بيروت" للزميل الإعلامي والمخرج جورج صليبي، وايضا اصابنا نحن أبناء بيروت وأهلها ومن عايشها ويعرف تفاصيلها الدقيقة، ورقصنا مع زواريبها وشوارعها وعانقنا قصورها ومنازلها، وخاطبنا طيورها وشجرها والوان نو...