بقلم
رغم عدم قناعة الجميع بهذا القانون النسبي المسجون بالطائفية، ورغم رفض الكل لبدعة الصوت التفضيلي، وهذه البدعة لا توجد في كل العالم حدثت الانتخابات، ورغم الحملة العنصرية والطائفية والتي دخلت في سمعة المرشحين الشخصية وتحديداً من قبل الوزير جبران باسيل وتياره، والرئيس سعد الحريري ورفاقه حيث أبدعا في ذلك كانت النتائج صدمة على أكثر من صعيد داخلياً وخارجياً!
الصدمة الأولى جاءت من عدم نجاح هذا القانون الانتخابي الممجوج، ومن عدم مشاركة الشعوب اللبنانية بالانتخابات رغم مطالباتها بالتغيير، ورغم أن القانون الانتخابي جديد ولم يعمل به من قلب، وكانت النتيجة أن الناخب الأكبر لم ينتخب!
الصدمة الثانية جاءت من الطوائف التي تم شحنها عنصرياً ومناطقياً فرفضت وضعها في خانة خوفها من الطوائف الشريكة في الوطن، وحاسبت محرضها من خلال التنمية والخدمات التي قدمها لها ولمنطقتها طيلة حكمه، رافضة الدخول في حرب التطرف الأهلي اللبناني، ومع ذلك ذهبت بعض الجهات إلى انتخاب فريق القوات، وهو الأكثر تطرفاً في الشارع المسيحي، وهذا دليل آخر على أن الشعوب اللبنانية تحتاج إلى التأهيل الوطني كي تنسى ماضيها الدامي، وتحتاج إلى قانون انتخابي نسبي على اساس لبنان دائرة واحدة كي يصبح النائب لكل لبنان وليس لمنطقة ضيقة!
الصدمة الثالثة كانت بمشاركة الشباب في الانتخابات، وهذا يعني لا بد من الاهتمام بالشباب، وجعل عمر المنتخب ١٨ عاماً، ولا يجوز أن تتطالبونهم بالدفاع عن الوطن، والدخول في صفوف الجيش والمقاومة، وتستغلونهم في حملاتكم السياسية، وتظاهراتكم الماجنة وترفضون اصواتهم، فكانت نتيجة غالبية المقترعين من الشباب!
وقد شكل نجاح لوائح الثنائي الوطني حزب الله وحركة امل صدمة في إسرائيل وفي السعودية قبل بعض الوجوه السياسية التابعة للمشروع السعودي في الداخل اللبناني خاصة سمير جعجع الذي وكعادته أول من يصرح بما يتمنى ويحلم دون أن يقترب إلى الحقيقة والواقع ليعتبر أن جمهور المقاومة في بعلبك والهرمل خذلت نداء السيد حسن نصرالله في الاقتراع، مع أن الحقيقة معاكسة، ولكن جعجع أراد أن يبعث برسالة إلى السعودية التي ساهمت في مساندته انتخابياً، وترسم له خطواته السياسية المقبلة!
ولا خلاف أن المنتصر الأول على صعيد الانتخابات النيابية اللبنانية هو محور المقاومة أحببت أن تصدق ذلك أو نظراً لعقدتك من حضور المقاومة ترفض هذه المعادلة، واستطاعت المقاومة أن تحتوي غالبية الصوت الشيعي، والعديد من الصوت السني والمسيحي، وهذا لم يحدث في تاريخ البلد الطائفي بامتياز منذ وجود المقاومة!
واللوائح المنافسة على صعيد الوطن للمقاومة لم تتمكن من التنفس في عقر دارها، ومن لفق المشاكل لأجل زيادة التعرفة المالية من أعداء المقاومة سقط سقوطاً مدوياً، وآحدهم لم يتمكن من استقطاب أسرته كي تنتخب له ليعود إلى محور زمر شيعة السفارة !
والفائز الثاني هو حزب القوات اللبنانية الذي تمكن من صد المنافسة الإلغائية من قبل التيار ومن قبل المستقبل، ومجابهة المناكفات الشرسة من قبل رئيس التيار، ومع ذلك حصد نسبة لا بأس بها وصلت إلى ١٤ أو ١٥ نائباً!
والفائز الثالث بعض الوجوه السنية التي كانت خارج معادلة الدولة بسبب سيطرة وتحكم قيادة تيار المستقبل في التعيين والفرض والرفض!
الفائز الرابع تيار المردة، ونجيب ميقاتي وبعض الوجوه الشبابية الجديدة رغم انزوائها تحت عباءات اقطاعية، وأيضاً مشاركة ما أطلق عليه المجتمع المدني الذي فشل فشلاً كبيراً بسبب مرض إلغاء الآخرين، وغرورهم، وجهلهم لبيئتهم وتاريخ الوطن، وعدم تواصلهم مع الناس!
أما الخاسر الأول فكان التيار العوني وبالتحديد رئيسه جبران باسيل مهما حاول التجمل بالانتصار، ولو أن التيار وافق على النسبية دون التفضيلي الذي فرضه باسيل، وعدم تقسيم لبنان إلى ١٥ دائرة، والموافقة على جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة لكان حصد الكتلة الأكبر في البرلمان، وقد تصل كتلته آنذاك إلى ٣٧ نائباً، ولكن رئيسه ادخله في متاهات التطاول على من لا يوافقه الرأي، وأوقع التيار بتحالفات عجيبة غير منطقية، وبعداوات مع قادة وزعامات المسيحيين والمسلمين، وأصر أن يكون خطابه مشابهاً لخطابات الحرب الأهلية اللبنانية عام ١٩٧٥!
والخاسر الثاني مع صدمة قوية هو سعد الحريري وتيار المستقبل، ورغم الفوز المتواضع في عكار لكن الخسارة الرمز كانت في بيروت، وبطلوع الروح حصد ما حصد... وبرأي كل المتابعين اعتبروا أن السبب الأول لخسارته تكمن في الشحن الطائفي لأهل بيروت ولسنة طرابلس، والمبالغة في صنع المشاريع الوهمية، وفرص العمل غير المنطقية، وعدم الانفتاح على الجميع بعد اختطافه في السعودية!
إضافة إلى اختلاق اقاويل عجيبة عن شركاء الوطن وبالتحديد المقاومة وبيئتها ومعتقدات الطائفة الشيعية...وجمهوره في داخله يدرك من حرر "جرود عرسال" والمناطق السنية التي اغرقت بالإرهابيين دون تربيح الجميل، والأخطر أن سعد سمح لبعض من يعمل معه بشتم الخليقة، وتحديداً الوزير نهاد المشنوق، فكانت النتيجة واضحة، وعدم نزول جماعاته إلى صناديق الاقتراع!
والخاسر الثالث مع صفعة كبيرة هو أشرف ريفي الذي قدم نفسه الزعيم السني الوحيد، وأنه سيحجم الرئيس سعد الحريري وتياره، ولعب على الوتر الطائفي، وتهجم على المقاومة بمناسبة ومن دونها إرضاء للنظام السعودي، فكانت النتيجة الانتخابية مخجلة، وأرقامه لا تذكر!
وهنا لا بد أن نذكر الخاسر الرابع، وهو حزب الكتائب وزعيمه سامي الجميل، وهذا الحزب العتيق بعد أن استلمه سامي تقلص انتشاره، وتقزم دوره، وأصبح حزباً انفعالياً يبحث عن الظهور الإعلامي، ويتحرك من خلال اصطياد أخطاء الخصم، ومن هو في الدولة بعد أن أُخرج من لعبة الحكم!
يبقى أن نشير إلى خسارة السعودية والإمارات وإسرائيل جراء النتيجة التي حُصدت في هذه الانتخابات...وهذه الخسارة تتطلب وقفة خاصة!
// جهاد أيوب
تعليقات
إرسال تعليق