التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حدد له ماذا سيشاهد وبماذا سيفكر بقلم جهاد أيوب



ارهاب المشاهد العربي نجح في انعدام الثقة




بقلم/جهاد أيوب

المشاهد العربي اليوم لم يعد غبيا، ولكنه ليس ذكيا بما يكفي حتى يحدد اختياراته ويناقش مشاهداته، يعلم أنه أسير اعلام موجه واعلام تجاري، الاول يهدف إلى استحمار المشاهد كي يبتعد عن السياسة، و تبقى السلطة واموال البلاد والعباد والزعامة له، والثاني يبني حضوره بالفهوم التجاري والكسب المادي، ولا يهمه ماذا سيعرض المهم نجاح شركته الاعلامية الفردية في استقطاب المعلن وامواله بعيدا عن اخلاقية المهنة والمصالح الوطنية، لذلك يشتت المتابع ويعلم تشتته وضياعه ففي لحظة يشعر ان ما يقدم يخدم خطابه وفي لحظة هو عدوه!

من هنا اصبح المشاهد العربي لينا امام ما يعرض عليه لاسباب حياتية مؤلمة، وللقلق الذي يساوره في كل متطلبات زمانه، ترك مهمة التخطيط والعرض والطلب لغرف سوداء همها العمل الجدي على تسطيحه وابعاده عن واقعه، وعدم معرفته بما يحاك بقضاياه المصيرية،وبتكوين شخصه وعنفوانه وبلاده، انهك هذا المواطن المشاهد من الهزائم السياسية التي فرضت عليه إعلاميا، ابعدوا عنه انتصارات حدثت لم يعتادها واصروا ان يكون في الهزيمة، طلبوا منه أن يخاف شريكه في الوطن إذا خالفه الفكر والدين، فرضوا عليه التقوقع والخوف من كل جديد في الفكر والسياسة والادب والفن، سجنوه بتقاليد وعادات جاهلية بحجة الحفاظ على الخصوصية، أخافوه من الاحزاب التي في دورها فشلت في ان تكون البديل، وضعوه في خانة التعصب الرياضي والفني والطائفي بعيدا عن السماح له بتشغيل فكره في اسباب اختياراته، وانعدمت الثقة بذاته وبطموحاته ليصبح مجرد رقم يصرخ كلما طلب منه، ويحدد عدوه إذا سمع وشاهد وقرأ إعلامه الموجه!

المشاهد العربي الذي هرول من فضاء النظام الرسمي إلى الفضاء التجاري كبديل اصيب بخيبة جديدة فهذا البديل مول من أموال النظام الحاكم وتحديدا نظام البترول بواسطة شخصيات مقربة وتنفذ مشاريعها مباشرة، مما اتاح لها ان تقدم سلع ساذجة لا تحترم اصول المهنة الإعلامية ولا الموهبة وهمها خلع ملابس المذيعة وفكر المذيع، والاهم ان تقدم ما يبعد المشاهد عن ذاته، ويغوص بالجنس والترفيه المدروس غير المفيد والنعرات التعصبية لمواهب الغناء والرياضة!

المشاهد العربي يكره البرامج السياسية لكنه ينتظر أقوالها وضيوفها، و يبحث عن البرنامج الناجح اعلانيا واعلاميا وجدليا او الملفت والمثير، ولا يبحث عن فضائية معينة المهم ان تقدم شهوته وحاجته الراهنة، لكنه يهرب من الواقع المقزز إلى واقع قد يوصله إلى الانفصام، يريد ان يتسلى بعد ان تلمس كذب غالبية الفضائيات، وفبركاتها للخبر بما تشتهي سياسيا، وللحق نادرا ما يوجد فضائية تستحق لقب الصادقة، بل تغليب المصلحة السياسية على حساب الموضوعية والحقيقة وهذا للاسف ما يسود، صحيح هذه الاخيرة اي الحقيقة لا نستطيع استخدامها في بلادنا ومجتمعاتنا لأن نقلها كما هي إعلاميا تصنع الحروب الاهلية والطائفية والحزبية، ولكن بشيء من الموضوعية في الطرح وعدم اخفاء مضمونها نعلم الناس كيفية التعود على معرفة الحقيقة!

نعم يوجد العديد من البشر ضد معرفة الحقيقة، والارتياح لدعم عنصريتهم وسياستهم الوحيدة، والمطلوب من الاعلام ان يقول ما يشبع رغباتهم ونواياهم وحقدهم، وهذا المرض لم يحصل بكبسة زر بل من جراء السم الذي يقدم عبر بعض الاعلام و بعض النظام الحاكم من قبل زعيم المراحل بكل انواعها، استطاع النظام العربي ذات حكم "طال عمرك" ان يبلور مجتمعاته، ويصنع شخصية متشابهة بالتفكير وبالتصرف وبالتساوي في اختيار نوع الطعام والجنس والمطرب والرياضي والشاعر. وبعد فوضوية الحركات التخريفية التي قيل انها ربيعية اخذ هذا المواطن المصنع والمبلور والمتحمس للتغير دون ان يقوم بالجهد، اخذ بالصراخ وباكتشاف انه لن يكون كالاخر المحلي بل هو شبيه بالاخر الغربي، وبسرعة، وبواسطة الميديا والغرف السوداء التي تديرها انظمة تمتلك المال والحقد والفكر الشيطاني اصبح هذا النفر -الفرد -المجتمع مدبلجا اسيرا، واحيانا محنطا لحركة الميديا في الفضاء!

وبعد ان اتخم فردنا ومجتمعنا من ثرثرات نشراته، وكشف المستور عنه، وسجنه في زعيمه حتى توصل إلى أن يتمنى الموت كرمال حياة زعيمه، ومشاهدته لمن سلمه رايته انه يحقن به في الليل والنهار ضد شريكه وجاره وشبيهه وهو اي زعيمه يسهر، ويقبل، ويأكل، ويتسامر مع من قيل له أن هذا هو عدوك، بعد كل هذا قرر ان لا يخطط او يجابه، بل الانزواء خلف شاشة ومطعم وطبخة، وابراج اليوم، والتنجيم وبرامج الحوارات المكررة والفارغة، و الدعارة، والحوارات المتشنجة والمشاكسة والتي تصل الى الشتم والهبل السياسي!

يعتقد المشاهد العربي أنه بذلك حقق راحته وابتعد عن المشاكل دون ان يشعر أنه في عمقها هو الفحم الذي يستخدم..المرحلة خطيرة اذا استمر هذا الفضاء الاسود، وتجعل المشاهد العربي صنما وقحطا إذا داوم على مشاهدتها أو هرب منها إلى التسطيح والاستحمار واللا مسؤولية..الاختيار صعب والمطروح اصعب!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر وتنو

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت/ بقلم جهاد أيوب

وليد جنبلاط: "سوليدير" دمرت بيروت "بونجور بيروت" وثائقي جورج صليبي يلملم ذاكرة تندثر • رسم الدهشة في صعوبة أحياء الروح من دمار الأفعال • الفيلم يصفع الفعل والفاعل والذاكرة والمذكور ويتركنا نتألم • عابه تطويل حوارات لا فائدة منها وشهادات شاركت في ذبح بيروت • موسيقى رائعة لـ جاهدة وهبي ونص متفوق والتقاط صورة ناطقة • مشاركة الفنان أسعد قيمة ومونتاج ذكي في مزج الماضي مع الحاضر بقلم||جهاد أيوب        حينما نخاطب الذاكرة نكون قد ضمنا نصف النجاح، ولكن النوايا الحسنة قد لا تصنع التميز رغم العاطفة المتدفقة بحق الماضي الذي يسجن في كلمة" الماضي الجميل" حتى لو كان قبيحاً، لذلك مجرد الانطلاق للحديث عن تاريخ لا يزال حياً نكون قد وقعنا في المحظور والقلق والخوف من النقد المباشر والرفض قبل المشاهدة والتنفيذ، وهذا ما أصاب فكرة انطلاقة فيلم " بونجور بيروت" للزميل الإعلامي والمخرج جورج صليبي، وايضا اصابنا نحن أبناء بيروت وأهلها ومن عايشها ويعرف تفاصيلها الدقيقة، ورقصنا مع زواريبها وشوارعها وعانقنا قصورها ومنازلها، وخاطبنا طيورها وشجرها والوان نو

فضائح برنامج الدعارة المنزلية "نقشت" على  LBC

بقلم// جهاد أيوب هل أفلست الأفكار المحلية حتى نستمرّ بورشة جنون شراء أفكار غربية لبرامجنا الاجتماعية من دون أن تشبهنا أو تناسبنا وتتفق مع صوَرنا؟ هل نحن استهلكنا كلّ إيجابيات عاداتنا وتقاليدنا ودياناتنا وتصرّفاتنا وخبرياتنا وحياتنا اليومية حتى تلاشينا في ساعة ضياع، وقرّرنا أن يكون الإنقاذ عبر تقليد غيرنا مهما كانت الظروف؟ هل نسعى ونبحث عن الشتيمة من هنا وهناك كي نبقى في الواجهة الإعلامية، وبالشتيمة نحصد الإعلانات، ومن الشتائم يحيا النجاح الإعلامي المرئي؟ هل فعلاً نؤمن بالإنسان فينا، ودورنا كإعلاميين أن نعطيه جرعات أمل كي يبقى في بلد لا نعرف كيف يسير، والمواطن فيه تائه بالعنصرية والطائفية والحلم المفقود؟ هل نحن نحن، أو نحن منذ سنوات لم نعد نحن، بخاصة في بعض الخطاب الإعلاميّ المبنيّ على إشعال كل أنواع الغرائز حتى لو كانت حيوانية بعيداً عن رادع يصحّح الخطأ، ويشير إليه بصواب يليق بالحياة، ولا يُشعرنا بعمر نسير فيه ونحن الأموات، وإلا ما معنى أن ننتظر من برنامج تافه مصيرَنا في اكتشاف سعادتنا يدعى «نقشت Take me out»؟ «نقشت Take me out» خبصة بحص جديدة في إعلام يزوّر وجوهنا أكثر ممّا نحن