حرب القلمون والزبداني فتحت أبواب العلاقة الصهيونية والمملكة
• السياسة الأميركية تنصحك بالحرب لكنها تنتظر الرابح كي تفاوضه وتراهن على تقسيم المقسم
• الشارع العربي ساذجاً يقتل نفسه مبتسماً دون أن يشعر ويتقبل كل ما يحاك ضده في الخارج ويساهم في تحقيق المشروع الصهيوأميركي
بقلم|| جهاد أيوب
دبلوماسي غربي يعمل في دولة خليجية صرح لـ " كاتب هذه السطور" أن شخصية سياسية فرنسية زارت السعودية منذ فترة ليست ببعيدة نصحت المملكة بالتواصل مباشرة وعلنية مع إسرائيل حتى تتجنب الإشكالات التي ستقع فيها المملكة جراء حربها ضد اليمن وخسارة أنصارها في القلمون والزباداني والواقع الإيراني الأميركي الذي سيستجد بعد ان وقع الاتفاق النووي بينهما، وأن التواصل العلني مع الكيان الصهيوني سيقوي أوراق السعودية في المنطقة و يفيدها ويثبت وجودها مع البعد الزمني.
وقال المصدر:" إن ما قامت به المملكة من تغيرات سياسية بين أبناء العائلة الحاكمة جاء تنفيذاً لنصيحة فرنسية بريطانية وليس ناجماً عن نصيحة أميركية كما يردد في بعض الإعلام العربي، أميركا متعبة من تصرفات النظام السعودي الأخيرة الذي يصور أن السياسة الأميركية موظفة وتابعة عند ألـ سعود، والتصعيد في اليمن إلى هذا الحد أزعج العم سام بعد الانتقادات الإعلامية الكثيرة التي وجهت لها مباشرة وبعضها وصل إلى تحميلها كامل المسؤولية، علماً أن أميركا شجعت على تلك الحرب ولكنها لم تكن ترغب باستمرارها وتوسيعها، وهذا الكم الكبير من الدمار والدماء انعكس سلباً على خطابها في الداخل الأميركي والخارج، وفعلياً ستطول تلك الحرب إلى أن يحدث التقسيم، حتى لو لم تقسم المنطقة لن يزول الحقد بينهما بسهولة، ولا خلاف ان التشتت العربي وحربهم يجعل من الأمن الإسرائيلي والمصالح الأميركية مستقرة في المنطقة إلى جانب عدم الاستقرار و الصراعات الحاصلة في لبنان وسورية والعراق والبحرين ومصر وليبيا والسودان وتونس... كانت نصيحة أميركا بضربات سريعة وخاطفة في اليمن كي تربك الحلف الإيراني ومن معه، وترسل رسائل عسكرية وسياسية مباشرة لهم، لكن السعودية تمادت إلى حد الجنون ليس لكونها لا تؤمن أصلاً باليمن كدولة مستقرة ومستقلة فقط، بل لأنها تريد أن تفرض نفسها كقوة فاعلة في المنطقة بعد فشل حروب إسرائيل في لبنان وغزة، وتلاشي مشاريع ما يسمى بالربيع العربي، وضيق افق جماعاتها والمحسوبين عليها من التكفيريين وبعض الاخوان والسلفيين في بلادهم، وذهاب أميركا ومن يدور في فلكها أوروبياً إلى اتفاقات استراتيجية ونووية مع إيران، السعودية في حربها على اليمن اعتقدت أن صرختها - أنا موجودة - ستصل إلى أميركا والغرب دون أن تتعلم من أن السياسة الأميركية تنصحك بالحرب لكنها تنتظر الرابح كي تفاوضه، السعودية راهنت على شراء القبائل اليمنية، والذمم العربية والصحافة الغربية دون أن تضع استراتيجية تحصنها لذلك سقوطها في الوحل اليمني قد يقضي على نظامها."
وأضاف المصدر الغربي:" الشخصية الفرنسية طلبت إلى حكام السعودية الاستعجال بالتحاور مع إسرائيل لربما إذا سلمت اوراقها إلى الكيان الصهيوني يبعد عنها مرض تقسيم البلاد ضمن مشروع شرق أوسطي جديد، وأيضاً يبتعد عنها شبح الاتفاق الإيراني الأميركي الذي ادخلها عقدة الجنون، وتقلل من خسائرها في المنطقة، من هنا سارعت السعودية بالاتصال بإسرائيل بعيداً عن الإعلام والوسيط لتعرف حجم دورها بعد أن وقعت حرب القلمون ومن ثم الزباداني بين حزب الله وجماعاتها التكفيرية هناك خاصة أن القلمون والزباداني يشكلا الحلقة الأخيرة لها في سورية بعد أن منعتها تركيا من التحرك في الشمال!
كما تعتقد المملكة أن فوز داعش وزمرها في القلمون قد يثبت سياستها ويعطيها الكثير من أوراق القوة أينما حاورت ويبقي نفوذها قوياً، وقد ردت إسرائيل بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال كانت المعركة واسعة الانتشار هناك، أما في حال نشوب معارك ضيقة وخاطفة فهي لن تتدخل بل ستكتفي بالمراقبة إلى حينه، ولكنها لن تصمت عما يجري في الجولان من تحركات عناصر لحزب الله وتموضعه العسكري المتضخم يومياً، وبالفعل كانت معارك القلمون والزباداني رغم قساوتها مدروسة التحرك في مناطق محددة وصولا إلى التحرير الكلي، وما قام به شباب المقاومة هناك جعل الكيان الصهيوني يحسب الف حساب لمعاركه المقبلة مع حزب الله."
وأشار المصدر إلى أن مشروع تقسيم المنطقة العربية الذي تخوضه وتتبناه أميركا منذ أواخر الستينيات لا تعيره السعودية أي اهتمام ولا تؤمن بأنه سيطالها في حال حصل، هذا المشروع لم يعد سرياً ومن يلتقي بأصغر دبلوماسي أميركي سيسمع أن هذا المشروع هو أساسي في سياستها في المنطقة، وهي لم تتخلى عنه برهة، لا بل كل حركة قامت بها اجتماعياً وسياسياً وإعلامياً كانت تصب في خدمة تحقيقه، والغريب، ورغم هذا الوضوح لم تسمع أميركا من أي زعيم عربي انتقاداً لتبنيها المشروع ومصارحتها به، وما الضرر الذي سيلحق بدولته أو المنطقة إن وقع؟!!
وتراهن أميركا على تحقيق مشروع تقسيم المقسم في بلاد العرب على كثير من الأمور المترسخة في المجتمع العربي، لا بل ساهمت سياسات العديد من الأنظمة العربية التابعة لها وخاصة السعودية على ترسيخه كي يبقى الشارع العربي ساذجاً يقتل نفسه مبتسماً دون أن يشعر ويتقبل كل ما يحاك ضده في الخارج، ويساهم في تحقيق المشروع دون أن يتنبه إليه أو يتعمد الفعل الجنوني المتطرف من خلال الحقد العربي المزروع فيما بينهم، واستغلال النعرات الطائفية وتداعيات المذاهب التي أوصلت الدين إلى ديانات قد تعمل على اختصار العمل من قبل أميركا لتحقيق تقسيم ما هو مقسم، وقد بدأ هذا المشروع بالتنفيذ منذ عام 2003، وللأسف السعودية ومن معها كانت الأكثر استعجالاً في تحقيق ذلك دون أن تدرك أن التقسيم سيطالها، فهي تعتقد أن أميركا لن تضر بها لكونها تنفذ كل ما تطلبه منها متجاهلة أن إعادة رسم جغرافيا المنطقة، و النظام الدولي الجديد واقع لا محال بالنسبة لأميركا!
وأشار المصدر إلى أن أميركا منهكة من تداعيات السياسة السعودية عليها، وأن الحروب التي زرعتها في المنطقة كان للسعودية اليد الأولى في تنفيذها توسعت وحققت أهدافها وأنها تمر بمراحلها الأخيرة، من هنا لم يعد مفيداً الاتكال على الحلفاء المرتزقة ما دامت هي موجودة عسكرياً وسياسياً في المنطقة، وإن تقسيم العراق وسورية واليمن والسعودية يزيد من نفوذها، ويقلل مخاطر مصالحها مهما كثرت الانتقادات الكلامية من حولها!
وتابع المصدر أن الموفد الفرنسي نصح الكيان السعودي بالتوجه روسياً وفتح علاقات اقتصادية وعسكرية جديدة، والعمل الجاد في الانضمام إلى حلف جديد في وجه أميركا وايران يتألف من السعودية وفرنسا وإسرائيل، وأن تكون اللقاءات الأولى سرية موزعة بين جنيف وباريس حتى تتبلور الصورة النهائية له ويعلن دون أن يصيب السعودية أي ضرر من كونها تصالحت مع إسرائيل دون توقيع أي اتفاق مع ان المخابرات والعديد من رجال الاعمال في السعودية على تنسيق تام مع الكيان الصهيوني منذ أكثر من 20 سنة، ولقاء وزير خارجية السعودية مع إعلاميين صهاينة خير دليل لنجاح الفكرة!!
واختتم المصدر بالقول:" السعودية في اليمن تلعب في الوقت الضائع إلى حين نفاذ الاتفاق الأميركي الإيراني، لكنها ورطت كيانها الهش المعتمد على النعرات المذهبية والمساهم في زرع الفتن في الدول المجاورة لها، وتستغل العرب من خلال الدين، ورطته في حرب قد تطول ولن تحقق منها نصراً صغيراً، لذلك قد تستجيب المملكة إلى النصيحة الفرنسية في الإعلان عن معاهدة أو اتفاقية وحلف أو علاقة مباشرة مع إسرائيل، وإلى حين ذلك ستطلب السعودية من صبيانها في لبنان بعدم تحقيق أي هدف أو استحقاق وطني جامع، والتطاول على المقاومة وحزب الله والسيد حسن نصر الله إلى حد التجريح الشخصي بمناسبة ومن دونها دون الوصول إلى التصادم، وهي بالفعل طلبت ذلك وجاء كلام نهاد المشنوق منذ أيام تلبية لذلك النداء، إضافة إلى إعطاء الضوء الأخضر لزمرها في سورية والعراق لتنفيذ العديد من الاغتيالات والمتفجرات المتنقلة في الاحياء الشعبية".
تعليقات
إرسال تعليق