التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أميرة الأوجاع وبيلسان المحبة هدى حمام طوت اوراقها ورحلت...



بقلم // جهاد أيوب

لم تسعفها الولادة كي تزين أوراق الشجر برونق ضحكتها، ولم يسعفها ربيع العمر كي تعطيه زهر روحها الطيبة...ولم يستطيع المرض أن يحاربها منذ اقتحامه جسدها...كان شرساً في هجومه وهي في عز العطاء، وحاول خطف روحها فقاومته بزرع حديقة المحبة...
ذاك المرض الخبيث تبسمت له الأميرة هدى جميل حمام، تغنجت عليه بدلال الملكات العفيفات، وتصالحت معه حتى قدم رايته إلى مملكتها معاهداً أن يسير معها إلى ذبول جسدها بعد أن تذبل زهور حديقتها!
سارت هدى مشوارها الطويل المتعب من جراحات الصبر مع زوجها القدير أحمد الزين بكل محبة، ومتصالحة مع الحلم، ومع المقبل المبشر بالخير والعطاء لربما تتغير أحوال الزمن الصعب!
كانت مشرقة كلما زرناها، ترفض أن لا نتصادق، متصالحة مع ذاتها، وهذا اعطاها قيمة مشرقة في أن تتصالح مع كل العالم، مع أصدقاء الفنان، ومع من اعتقدت انهم من أهل الوفاء فبقيت أمينة على كل أسرارهم وبداياتهم وتحركاتهم وخبثناتهم وفضائحهم، ولم ترمي الثرثرة على أجساد الضعفاء!
كانت تمتلك الكثير من الأسرار، وأجمل ما تمتلكه كان سر الصداقة...
كانت الأميرة هدى تصر أن تتصرف كحاكمة في مملكة المحبة، كأيقونة تهمس البسمة الأمومة رغم سكاكين مرضها، وللحظة كدنا لا نصدق أوجاعها لكثرة ما تعطينا من محبة واهتمام!
كانت صورة من زنابق العطر، تهتم بامورنا، تبحث عنا في زوايا قلبها الكبير، تغرقنا بالحديث الجميل، ترفض أن لا نشاركها طعامها المصنوع من أناملها، وتحزن إذا اصبنا بمكروه الأيام الصعبة...وأيامنا أصعب من الصعاب، من مصائب الصعاب...ربما هذا زاد من أوجاع داخلها فتاهت مع المرض إلى حدود الاستسلام!
قال لها الطبيب أن تتعالج من مرض جديد قد اصابها، ابتسمت، وأكملت بسمتها مع ضحكة عالية، وقالت:" ما عاد في مكان بجسدي يتقبل العلاج..."!
آخر لقاء جمعنا في قصرها بمنطقة خلدة _عرمون قامت بواجب السؤال عن ظروفنا، وقدمت الأطياب، وصرخت بحنان: " شراييني تنفجر"!
سال الدماء، وسال قلب أحمد الزين بحنان الأطفال، وهجرتنا الابتسامة...أُدخلت المستشفى...وكان الاستسلام.
توجعت كثيراً، وناقشت مرضها النضالي طويلاً، واهداها حقده الخناجر فقدمت له عطر بيلسان المحبة، خجل منها، ولم تشعره بأنها تفوقت عليه!
كانت هدى في كل لقاء تتجمل الشفاء، تصر أن تسقي الزرع بماء صبرها، وبتعب الأنتظار، وبالأمل الذي وزعته علينا دون منة، ودون جميل، ودون غرور، ودون أن تشتكي من شيخوخة الفرج!
كانت هدى تسمعنا ونحن نتلي عالمنا، مصائبنا، مشاكلنا، همومنا، لا تقبل بأنصاف الحلول، ولا بربع الكرم، بل تصر أن تصغي بصلاة، وتقدم كل الحلول المبنية على المحبة أو الحسم، وتضيفنا من اطباق كرمها وأطيافه!
إذا لم يعجبها آحدهم لا تجرح، ولكنها لا تجالس، تنسحب بهدوء، ولا تشتكي منه!
عفواً...ولا مرة سمعتها تشتكي، ولا مرة أضافت مشاكلها علينا، ولا مرة لم تكن أميرة كما كنا نناديها...
كانت هدى...!!!
ما أصعب "كانت"...كلمة بغيضة، جامدة، جاحدة في حضرة من كانت تزين لحظات وجودنا...
وداعاً الأميرة هدى...لن يعد يخبرنا أحمد الزين عن الأميرة، عن أوجاع الأميرة خلسة، عن اهتمامها بالجميع إلا بمرضها...أحمد الزين الآن انكسر أضرار المحبة التي غمرتنا بها!
الأميرة هدى جميل حمام وداعاً...صعب رحيلك، والأصعب أن نبحث عنك ولا نجدد الأمل ولا نجدك...وأصعب الصعاب أن لا نتذكرك كلما استمعنا إلى أغنية الأسطورة صباح المفضلة لديك "ساعات ساعات" التي كنت تعتبرينها قصتك...!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 6 من 8

جوليا بطرس وغياب المغامرة و نجوى كرم التخطيط المغاير بقلم\\ جهاد أيوب • صوت جوليا ثاقب وحساس لا يزعج ويصل بمحدودية • تتعامل جوليا مع صوتها وفنها بكسل دون السفر والبحث • تبدع جوليا في الغناء الوطني والثوري ولا تقنعنا عاطفياً! • نجوى نجمة مزيج من جامعة صباح وأسلوب سميرة توفيق • تمتلك نجوى بحة رائعة لا تعرف استخدامها أحياناً • تتعامل نجوى بحساسية مفرطة مع الملحنين والشعراء ومن حولها يطبل لها كثيرا! جوليا بطرس : صوتها (  alto ). صوت جوليا هادئ، وثاقب، ولماح، يأخذك إلى أفاق ناعمة دون إزعاج، له خصوصية شفافة، ومن قماشه حساسة، ونظراً لعدم المغامرة والتنويع يصلنا بمحدودية ضيقة مع إن الفاهمين بعلم الأصوات يجدون فيه أكثر من ذلك، ولو أن صاحبته غامرت لكانت النتائج مغايرة كلياً. وبصراحة، ورغم أسلوب جوليا في إتقان الغناء الثوري، هي تتعامل مع صوتها بكسل لا يستحقه، وعلى ما يبدو لا تحب المغامرة ونشدد على المغامرة، ولا تسعى للسفر إلى نمط تلحيني وشعري مغاير لخطها، وهذا إن وافقت أو انزعجت يضر بصوتها وبتجربتها، ويضعها في مساحة تتكرر، وتضيق عليها وعلى مسامعنا، ولا أفهم لماذا لا تغامر ...

مبروك تلفزيون لبنان ونبارك للزميل جهاد أيوب على تفوق حلقة "المجد ملحم بركات" وهذه ملاحظاتنا

بقلم// طانيوس أندراوس  ساعتان ونصف الساعة قضيناها مع أبو مجد دون ملل، لا بل رغبنا لو كانت أطول...وبعد النجاح الكبير ونسبة المشاهدة العالية لحلقة "الايقونة صباح" اعتقدنا أنها حلقة عابرة من تلفزيون لبنان، ومجرد خطوة مشرقة للزميل الناقد جهاد أيوب، ولكن بعد متابعتنا لحلقة "المجد ملحم بركات" وتلمسنا النجاح المتميز، ونبش ذاكرة بطريقة نظيفة خارج الثرثرة الإعلامية الفضائحية التي اعتدناها في العالم العربي وخاصة في لبنان لا بد من أن نبارك للتلفزيون الأم والأب تلفزيون لبنان، ونشد على يد الزميل الناقد المسؤول جهاد أيوب لنجاح فكرته في تكريم كبارنا. كل يوم نكتشف الذاكرة الذهبية الرائدة في أرشيف تلفزيون لبنان، أرشيف عرض في حلقة ملحم بركات بطريقة ذكية، غاية بالحساسية دون إلغاء أو تعمد، وببساطة شعرنا بتاريخ أبو مجد منذ البداية حتى رحيل، والعفوية كانت في أننا لم نشعر بالملل، وأصرينا أن نشاهدها في الإعادة أيضاً. أن يغامر تلفزيون لبنان في تقديم حلقات تكريمية دسمة بهذا الحجم عن كبارنا في لحظة سباق التنافس الفضائي اللبناني حول من يقدم برامج الفضائح والسذاجة يعني أنه الت...

عن شذى حسون وأدم في "حرب النجوم"

بقلم//جهاد أيوب الحلقة الاخيرة من البرنامج الانجح والاجمل #حرب_النجوم  مع الفنان الذكي #هيثم_زياد كانت جميلة، لا بل ممتعة، وادخلت البهجة والفرح، ومميزة مع المطربة #شذى_حسون والمطرب #أدم . المطرب أدم صوت مهم جدا، وحساس فوق العادة، يشبه الكرستال في لمعانه وحساسيته وصداه، ورغم ذلك اخذ راحته كثيرا في البرنامج، وهذا خطأ اشعرنا كما لو كان في الشارع، وفوضويته مزعجة، وتعليقاته اضرته...يحتاج إلى التروي إن حكى، والاهتمام بمظهره، والابتعاد عن الارتجال غير المسؤول، وتدريب صوته أكثر فرغم جمالياته تاه منه في اماكن كثيرة! أدم من اجمل الاصوات، وعليه اعادة النظر بخطته الفنية والإعلامية ليصل إلى مكان يليق به... المطربة شذى حسون صوت من ذهب، يؤدي كل انواع الغناء والتطريب، وجمالها يلفت بنعومة جاذبة، ولكن الغباء الثقافي الفني كان واضحا ولا يليق بهذه الموهبة. كان عليها الاهتمام بمظهرها في الحلقة، وتستخدم نعومتها اكثر مع دلال يليق بها...صوت له المستقبل إذا عرفت التخطيط وليس الشهرة السريعة فقط! "حرب النجوم" اهم برنامج منوعات في الوطن العربي، رشاقة واناقة، ومذيع حكم مطرب سريع البديهة وح...